يعمل في بيئة مختلطة في بلد كفر فهل يتركه ويأخذ معونة بطالة أم يستمر فيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل نصف دوام، في بيئة مختلطة، ولا أريد أن أعمل دوام كامل لأسباب دينية، ولكن ما أجنيه من هذا العمل قليل، ولا يكفيني، فسجلت فيما يسمى " جوب سيكر الونس " وهو عبارة عن مبلغ تعطيه الحكومة للأشخاص العاطلين عن العمل لتغطية المصاريف الأساسية إلى أن يحصلوا على عمل، فهل يجوز لي أن أبقى في العمل المذكور؟ وهل يجوز لي كذلك أن آخذ هذا المبلغ من الحكومة حتى أجد عملاً ذا مردود طيب؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب على المسلم أن يكتسب رزقه بيده، وأن يتعفف عن أموال الناس، وليس من سيما المسلم التطلع إلى ما في أيدي الناس من أموال، فضلا عن أخذها بغير وجه حق، وإذا كان المسلم يعيش في دولة غير إسلامية، تحتَّم عليه التعفف عن أموالهم أكثر، ولا ينبغي أن يذل نفسه بالمعونة التي تصرفها تلك الدول للعاطلين عن العمل، ولأن يعمل بتعب ومشقة خير له من أن يذل نفسه.
روى الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد "(١٠ / ١٦٠) عن علي بن الفضيل قال: سمعتُ أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ فقال ابن المبارك: يا أبا علي، إنما أفعل ذا لأصون به وجهي، وأُكرم به عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقَّا إلا سارعت إليه حتى أقوم به، فقال له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا.
ثانياً:
أما بخصوص أخذ المعونة من الحكومة – مسلمة كانت أم كافرة – وأنت لا تستحقها، ولا ينطبق عليك الشروط الواجب توفرها: فإنها تكون من الأموال المحرَّمة، ويجب عليك اجتنابها.
وقد أمرنا الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود، حتى مع الكفار، فقال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) المائدة/ ١، وبينك وبين الدولة عقد على استحقاق المال بشرط، فوجب انطباق الشرط عليك حتى يصير مالهم لك حلالاً.
فمن كان يعمل، وله راتب: فإنه لا يستحق من المعونة شيئاً، وإن كان لا يعمل مع توفر فرص عمل مباحة: كانت المعونة أيضاً عليه محرَّمة.
وبخصوص حالتك تحديداً: فإذا أردت أن يكون المال حلالاً: فاترك العمل المحرَّم؛ لينطبق عليك شرط تلك المعونة، ومن وجد عملاً في بيئة مختلطة، أو في مصنع خمور، أو مطعم يبيع اللحوم المحرَّمة: فهذا لا يعتبر واجداً لعمل؛ لأنه يحرم عليه الالتحاق به ولا حرج عليه من أخذ المعونة حينئذ، فهذا أخف من ارتكاب المحرم، أو احتمال الفتنة بالنساء.