من غش في الامتحان وستره الله هل يلزمه أن يفضح نفسه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من غش في الامتحان وستره الله هل يلزمه أن يفضح نفسه؟ السؤال: من قبل عدة أيام دخلت علينا إحدى المعلمات وبعد أن أنهت شرح درسها..وقبل تسلمينا أوراق الاختبار، قامت بالدعاء على كل من غشت أو ساعدت في الغش إحدى الطالبات بأن يفضحها الله أمامها.. وأن يسد طريقها إلى الجامعه، وإن دخلت الجامعة لا يبارك الله لها في أوقاتها واستمرت في الدعاء بكل ما يخص المستقبل، وقالت إنها لن تسامحنا إلى يوم القيامة فيا فضيلة الشيخ..هل هذا حق لها علي..أن لا أغش..؟ علما بأنني في السنة الأخيرة ولم يسبق لي الغش بإرادتي في هذه المادة بالذات.. فقط مرة واحدة سمعت الجواب من إحدى الطالبات التي تربطني بها أي علاقة مجرد زميلة في الفصل..فكتبت الجواب..أعلم ان الغش حرام فهل علي الاعتراف..إن كان الله قد ستر علي فلم أفضح نفسي؟ علما بأنني فعلا خائفة.. فمنتهى أملي أنا أدخل الجامعة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم الغش في الامتحانات وغيرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رواه مسلم (١٠١) .
ومن وقع في شيء من ذلك فليتب إلى الله تعالى، ولا يلزمه فضح نفسه، بل ينبغي أن يستتر بستر الله تعالى، ويندم على ذنبه، ويعزم على عدم العود إليه، وقد روى مسلم (٢٥٩٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
وهذا من البشارة للتائب الذي ستره الله تعالى في الدنيا، أن الله سيستره في الآخرة، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى فقال فيما رواه أحمد (٢٣٩٦٨) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ، وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) والحديث صححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (١٣٨٧)
بل أمر صلى الله عليه وسلم بهذا الستر فقال:(اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٦٦٣) .
وعليه:
فمن وقع منه غش في امتحاناته فليتب منه، ولا يعود إليه، وليستر على نفسه.
وإذا كنت لم تسألي زميلتك، بل سمعت الجواب منها دون طلب منك، فلا يعد هذا غشا، ولا بأس عليك ـ إن شاء الله ـ في كتابة ما سمعت، من غير طلب منك، ولا سعي إليه.
وأما دعاء المعلمة على من غش، كما ذكر في السؤال، فالذي يبدو لنا أن فيها تعديا على غيرها، وليس الغش حقا لها، ولا هو متعلقا بشخصها، بل الغش هنا حق لله تعالى، فلا يتعلق به مسامحتها من عدم ذلك، ولو اقتصرت على الدعاء بأن يظهرها الله أمامها: لكان له وجه، لكنها تعدت في الدعاء أكثر مما ينبغي لها في مثل هذا المقام، ولعلها أرادات ترهيب التلميذات، وتنفيرهم من الغش.