اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في فترة من حياتي عاصيا ومشكلتي أنى كنت أختلس من نقود المكان الذي كنت به. وبعد أن هداني الله أحسست بالذنب وقد بدأت بالفعل في رد أموال مما عليَّ ولكن المشكلة أني لا أعرف كم مقدارها تماما. وحاولت أن أجعل صاحب المكان يسامحني دون ذكر السبب ولكني لم أستطع. وأنا لا تتوافر معي أموال أخرى كي أدفعها. فهل سيقبل الله توبتي إن لم أستطع رد كل ما علي؟ وإن كان هناك شيء من الممكن أن أفعله فما هو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى، ورد جميع ما أخذت من المال، ولا تتم توبتك إلا بذلك، وإن جهلت مقدارها تحديدا، فيكفي غلبة الظن، وذلك بالاحتياط في تقدير ما عليك، فلو تردد المبلغ بين ثمانين أو مائة مثلا، فأخرج مائة، حتى تلقى ربك عز وجل سالما من تبعة هذه الخيانة والظلم، وقد روى البخاري (٢٤٤٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ".
وما عجزت عن رده الآن، فهو دين عليك، لا تبرأ ذمتك إلا بدفعه، والواجب عليك حينئذ أن تثبته في وصية لك، خشية أن يفاجئك الموت قبل سداده؛ لما روى البخاري (٢٧٣٨) ومسلم (١٦٢٧) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ إِلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.