حديث: (مصر كنانة الله في أرضه) لا أصل له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة حديث: (مصر كنانة الله في أرضه) ، وما معناه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث لا أصل له، ولم يرو في كتب السنة، وقد نص العلماء على ذلك:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" هذا مأثور لكن ما أعرف إسناده " انتهى.
" أحاديث القصاص " (ص/٨٧)
يقول بدر الدين الزركشي رحمه الله:
" لم أجده " انتهى.
" التذكرة " (ص/١٩١)
وقال السخاوي رحمه الله:
" لم أره بهذا اللفظ في مصر " انتهى.
" المقاصد الحسنة " (ص/٦٠٩)
وقال السيوطي رحمه الله:
" لا أصل له " انتهى.
" الدرر المنتثرة " (ص/١٧)
وقال الشيخ مرعي الكرمي رحمه الله:
" لا أصل له " انتهى.
" الفوائد الموضوعة " (ص/١٠٧)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
" لا أصل له " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/٨٨٨)
والكنانة هي الجعبة الصغيرة من الجلد لحفظ النبل والسهام، فكأن هذا الأثر يشبه مصر بكنانة السهام التي يصيب الله تعالى بها الطغاة والظالمين والمتجبرين، فيرميهم بأهلها الذين هم جند الله، ولذلك جاء في بعض الكتب تكملة الأثر السابق بقولهم: ما طلبها عدو إلا أهلكه الله.
وقد ورد نحو هذا الأثر في بلاد الشام أيضاً:
يقول الملا علي قاري رحمه الله:
" وقد ورد لفظ الكنانة في الشام، أخرجه ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قرأت فيما أنزل الله على بعض الأنبياء أن الله يقول: الشام كنانتي، فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم. موضوع مبناه، وإن كان صحيحاً عندنا معناه " انتهى.
" الأسرار المرفوعة " (ص/٣١٩)
ونحن نرجو أن تكون مصر والشام وسائر بلاد المسلمين منطلقاً لجند الله لتحرير أراضي المسلمين المحتلة، وإرجاع العزة المسلوبة لهذه الأمة.
هذا وقد صح في فضائل مصر حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا)
قَالَ: فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ َخَرَجَ مِنْهَا.
رواه مسلم (رقم/٢٥٤٣)
قال النووي رحمه الله:
" قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به.
وأما الذمة: فهي الحرمة والحق، وهي هنا بمعنى الذمام.
وأما الرحم: فلكون هاجر أم إسماعيل منهم.
وأما الصهر: فلكون مارية أم إبراهيم منهم " انتهى.
" شرح مسلم " (١٦/٩٧)
وقال المناوي رحمه الله:
" أي: اطلبوا الوصية من أنفسكم بإتيان أهلها خيراً، أو معناه: اقبلوا وصيتي فيهم، يقال أوصيته فاستوصى أي قبل الوصية، يعني: إذا استوليتم عليهم، وتمكنتم منهم، فأحسنوا إليهم، وقابلوهم بالعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم وقبح أقوالهم على الإساءة إليهم، فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة.
ثم علَّلَه بقوله: (فإن لهم ذمة) ذماماً وحرمة وأماناً من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن أمه مارية منهم.
(ورحماً) بفتح فكسر: قرابة، لأن هاجر أم إسماعيل منهم " انتهى.
" فيض القدير " (١/٥٢٣-٥٢٤)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب