للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التصدق بالملابس المستعملة، من غير غسلها!!

[السُّؤَالُ]

ـ[بما أنني في حالة استياء بعد ما فكرت أنني عملت عملا جيدا، هذا الذي حدث عندما كنت أعمل في مكان ما، وتركت سيارتي، جاءني أحد المارة، وقال لي هل ستشتري بعض أعواد البخور فتساعدني؟ أعطاني علبتين، وأخذ مني درهمين، ثم قال لي "بما أنه شتاء فهل يمكن أن تشتري لي بطانية؟ " أعطيته ٥٠ درهما، فكان سعيدا ثم أخبرني أنه ليس لديه عمل وعليه أن يدفع إيجار البيت، وهذا هو السبب الذي جعله يبيع أعواد البخور. لم يكن عندي مانع أن أعطيه ١٠٠ درهم أخرى، ثم قال لي إنه يلبس جاكيت أعطاه إياه رجل، فقلت له أحب أن أعطيك جاكيت ما دام أنه ليس معك والجو بارد، ثم قال جيد أن أعطيه لكي يهبه لأولاده. عندها أعطيته جاكيتي الذي كان في السيارة وأخبرته أنه ليس مغسول، فقال ليس مشكلة وأخذه. لست مباليا بكل ما فعلت وخاصة المال، إلا أنني عندما عدت سألت أمي هل بإمكاننا أن نعطي ملابس من ملابسنا لشخص ما، أجابتني بإجابة هزت حياتي، قالت: لا تعط أحد لباسا إذا لم يغسل، وخاصة في الليل، وأخبرتني بقصة رجل الذي بركته كاملة مسحت، بل إنه لم يملك ملابس ليلبس طوال العام. يا شيخ لقد شعرت فقط بأسف على ذلك الشخص وأردت أن أساعده، والآن أشعر بحالة الأسى. أرجو النصيحة عما يمكنني فعله في هذه المسألة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أخانا الكريم أحسنت – أحسن الله إليك – فيما فعلت من مساعدة هذا المسكين، قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/٢٦١-٢٦٢، وقال الله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ/٣٩.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر) رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، وقال عنه الألباني: " حسن لغيره " انتهى.

"صحيح الترغيب والترهيب" (١/٢١٦) .

وأما ما أمرت به أمك، فليس له أصل في الدين، ولا فرق بين أن يتصدق الإنسان بجديد، أو بما هو عنده من الثياب المستعملة، ولو لم تغسل.

وأما قصة الذي غسلت بركته، كما ذكرت، فلا شك أنها من قصص أهل الجهل والخرافة، والبركة ليست في الملابس، بل البركة في الدين، واتباع سيد المرسلين، ولا يجوز التبرك بشيء من ملابس شخص، أو جسده، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

غير أن الذي ننصح به أن يتحرى الإنسان بصدقته أهل الحاجة المتعففين عن السؤال، أو من يغلب على ظنه الصدق في المسألة، ولا يسأل أموال الناس تكثرا، ويتخذها مهنة يأكل بها أموال الناس بالباطل، فإن جهل حال السائل، فله أن يعطيه بقدر ما يدفع عنه مسألته، أو يغلب على ظنه الوفاء بحاجبته، إن كان ذا حاجة.

على أنه إذا قدر أن السائل كان كاذبا، فإن ذلك لا يضرك عند الله، ولا ينقص أجرك، إن شاء الله، ما دمت أخرجت هذه الصدقة لله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ) رواه البخاري (١٤٢١) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>