للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم طلب الطلاق بسبب الاكتئاب

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد السؤال عن حكم طلب الطلاق أثناء الإصابة بالاكتئاب؟ . وهل البعد عن البلد الأصلي وعن الأهل - مما أزم مرض الاكتئاب في نفسي - عذر يبيح طلب الطلاق؟ علماً أني قبل الزواج كنت أعرف أني سأسكن في بلد غير بلدي الأصلي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الاكتئاب الذي يشعر به الإنسان قد يكون مرضا، يحتاج إلى علاج ومراجعة لأهل الاختصاص، وقد يكون هما وضيقا يزول بأمور كثيرة من العبادة والذكر والصحبة الصالحة والانشغال بالأعمال النافعة، ويمكن الاستفادة في ذلك من جواب السؤال رقم (٢٢٧٠٤) و (٢١٥١٥) و (١٠٠٧٧٤) .

وبكل حال، فما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء، فلهذا الاكتئاب علاج مهما كان نوعه، وعلى المؤمن أن يتحلى بالصبر واليقين، ويكثر من سؤال الله تعالى واللجوء إليه، فإن مفاتيح الخير بيده سبحانه، وكم من مؤمن ومؤمنة صبر على مرض أو بلاء أو حبس، دون أن تدعوه نفسه لارتكاب الحرام، فإن هذا فعل أهل السخط والجزع، لا يصبرون على أقدار الله، ويسارعون للتخلص مما أصابهم بأي وسيلة مهما كان فيها شقاؤهم الدنيوي أو الأخروي.

ثانيا:

لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق إلا لعذر شرعي يمنعها من الاستمرار معه، كسوء عشرته، ونفورها منه بحيث لا تستطيع أن تؤدي حقه، وذلك لما روى أبو داود (٢٢٢٦) والترمذي (١١٨٧) وابن ماجه (٢٠٥٥) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود.

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المختلعات هن المنافقات) رواه الطبراني في الكبير (١٧/٣٣٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (١٩٣٤) .

ولو فرض أن الزوجة في حال غضبها أو مرضها أو اكتئابها طلبت من زوجها الطلاق، فإنها إذا هدأت نفسها، أدركت خطأها واستغفرت ربها، واعتذرت إلى زوجها.

وإذا كان الاكتئاب والعناء ناتجا عن علاقتها بزوجها، لسوء عشرته، أو كرهها له، وتحقق هذا الأمر لدى الثقات من أهلها، فعليهم أن يحاولوا الإصلاح، ويتشاوروا في ذلك مع الزوج للوصول إلى حلول تخرج هذه الزوجة من حالة الاكتئاب التي تعيشها.

والنصيحة للسائلة ـ وقد ذكرت أن سبب اكتئابها هو بعدها عن أهلها ـ أن تصبر، وتحاول تجاوز تلك الأزمة.

والاكتئاب ـ في الغالب ـ يصيب الإنسان الفارغ، الذي لا يشغل نفسه بعمل نافع، لا في أمور الآخرة، ولا في أمور الدنيا.

فاشغلي نفسك بعمل مفيد، التحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، تعرفي على أخوات ثقات، صاحبات دين وخلق، تتعاونين معهم على عمل نافع.

ويمكنك الاتفاق مع زوجك على أن تقومي بزيارة أهلك بين فترة وأخرى، ونحث أهلك أيضاً أن يبادلوك الزيارة.

وعلى الزوج أن يتحمل ما قد يقع من زوجته، ويحاول الأخذ بيدها لتجاوز تلك الأزمة.

فلابد من تعاون الزوج والزوجة وأهلها، حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.

وأما الطلاق فاصرفي تفكيرك عنه، وتغلبي على حالة الاكتئاب التي تعيشينها، واستعيني بالله تعالى، وأكثري من دعائه.

ونسأل الله تعالى أن يصلح حالك، ويوفقك لكل خير.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>