للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لم يعتقد كفر الكفار فهو كافر

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحيح أن الشخص إذا لم يقتنع بأن الكافر كافر فإنه يكفر هو؟ حتى لو أنه يصلي ويؤمن بالقرآن والسنة.

إذا كان الجواب نعم فما هو الدليل على هذا؟

هل يمكن للشخص أن يؤمن بأن اليهود والنصارى مؤمنون وسيدخلون الجنة بعد أن تم تبيين الحقيقة لهم، ولا يزال يعتبر مسلماً؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

١. نعم صحيح، ومن لم يقتنع بكفر الكافر في دين الله فما صدَّق ما أخبر الله تعالى به من كفرهم، وما اعتقد أن دين الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان، وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين كائناً ما كان دينه قبل ذلك.

قال الله عز وجل {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران ٨٥] ، وقال {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} [الأعراف ١٥٨] .

٢. قال القاضي عياض: ولهذا نكفِّر كل من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحَّح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك. أ. هـ " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (٢ / ١٠٧١) .

٣. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة:

الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له والدليل قوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب.

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة: كفرَ إجماعاً.

الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم: كفَرَ إجْماعاً.

- وبعد أن عددها قال رحمه الله: -

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا ومن أكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه وصلى الله على محمد. مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٢١٢، ٢١٣) .

٤. والشرك والكفر سواء في الحكم.

قال ابن حزم:

الكفر والشرك سواء، وكل كافر فهو مشرك وكل مشرك فهو كافر وهو قول الشافعي وغيره.

"الفِصَل" (٣/١٢٤) .

٥. واليهود والنصارى كفار مشركون قال تعالى {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ..... سبحانه عما يشركون} [التوبة ٣٠، ٣١] .

= عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". رواه مسلم (١٥٣) .

فمن قال إن اليهود ليسوا كفارا فهو مكذب بقوله تعالى عن اليهود: (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ.. (٩٣) البقرة

ومكذّب بقوله تعالى: (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ.. (٤٦) النساء

ومكذّب بقوله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ.. (١٥٧) النساء

ومكذّب بقوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا (١٥٠) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) النساء

ومن قال إن النّصارى ليسوا كفارا فهو مكذّب بقول الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.. (١٧) المائدة

ومكذّب بقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّ يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) المائدة

ومكذّب بقوله تعالى عن اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بنبينا ولا يتبعونه:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا (١٥٠) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) النساء

فماذا بقي بعد هذا البيان من الله عزّ وجلّ؟! ، نسأل الله الهداية، وصلى الله على نبينا محمد.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>