يجوز للمرأة أن تقص من شعرها للتزين ولا حرج
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت كثيرًا أن المرأة لا يجوز لها أن تقص شعرها البتة وفقاً لأحكام الإسلام، فأريد أن أفهم السبب، مع أنني أظن أنها تحتاج إلى تهذيب شعرها بين فترة وأخرى، فهل من توضيح لهذه المسألة بالتفصيل؟ كما أني سمعت أن المرأة يتوجب عليها أن تطيل شعرها ما استطاعت، ولا تتعرض له بالتقصير أو الحلق، لأنه يكون لها ستراً يوم القيامة حين يحشر كل الناس عراة، فهل هذا صحيح، وهل من دليل عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الذي نص أهل العلم على تحريمه، في شأن قص المرأة شعر رأسها، هو الحالات الآتية:
١- إذا كانت تتبرج به للأجانب.
٢- إذا قصدت بقصتها التشبه بالكافرات أو الفاسقات.
٣- إذا قصته بالشكل الذي يشبه في هيئته شعور الرجال.
٤- إذا قام بقصه رجل أجنبي كما يحصل في صالونات المعصية.
٥- إذا كان بغير إذن الزوج.
وموجبات التحريم في هذه الحالات ظاهرة لا إشكال فيها، والحكمة من تحريمها ظاهرة أيضا.
ثانيا:
إذا كان غرض المرأة التزين للزوج والتقرب إليه، أو كان غرضها التخفف من كلفة العناية بالشعر الطويل والعناء في سبيل ذلك، أو غير ذلك من الأغراض المعقولة المباحة: فلا حرج عليها في ذلك على القول الصحيح من كلام العلماء؛ لأن الأصل في العادات الإباحة حتى يرد دليل على التحريم، وليس في الشريعة ما يدل على المنع من قص شعر المرأة، بل ورد ما يدل على الجواز، وهو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله قال: (كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ) رواه مسلم (٣٢٠) .
والوفرة: قيل: الشعر الذي يزيد على المنكبين قليلا. وقيل: يصل إلى شحمة الأذنين.
قال الإمام النووي رحمه الله:
" فيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء " انتهى.
" شرح مسلم " (٤/٥)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قص شعر المرأة أعني قص شعر رأسها: كرهه بعض العلماء، وحرَّمه بعض العلماء، وأباحه بعض العلماء.
وما دام الأمر مختلفا فيه فالرجوع إلى الكتاب والسنة، ولا أعلم إلى ساعتي هذه ما يدل على تحريم قص المرأة شعر رأسها، وعلى هذا: فيكون الأصل فيه الإباحة، وأن يتبع فيه العادة، ففيما سبق كانت النساء ترغب طول الرأس وتفتخر بطول الرأس، ولا تقصه إلا عند الحاجة الشرعية أو الحسية، وتغيرت الأحوال الآن، فالقول بالتحريم ضعيف ولا وجه له، والقول بالكراهة يحتاج إلى تأمل ونظر، والقول بالإباحة أقرب إلى القواعد والأصول، وقد روى مسلم في صحيحه (أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كن يقصصن رؤوسهن حتى تكون كالوفرة)
لكن إذا قصته المرأة قصا بالغا حتى يكون كرأس الرجل فهذا حرام لا إشكال فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال.
وكذلك لو قصته قصا يماثل رؤوس الكافرات والعاهرات: فإن من تشبه بقوم فهو منهم.
أما إذا قصته قصا خفيفا لا يصل إلى حد يشبه شعور الرجال، ولا يكون مشابها لرؤوس العاهرات والكافرات فلا بأس به " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (فتاوى الزينة والمرأة/ قص الشعر) (شريط ٣٣٦، وجه ب) .
وانظري جواب السؤال رقم: (١١٩٢) ، (١٣٢٤٨) ، (١٣٧٤٤)
ثالثا:
ما يقال إن شعر رأس المرأة ستر لها يوم القيامة: فهذا لم يدل عليه شيء من السنة والآثار، ولم نجده في كلام أهل العلم، فينبغي الحذر من نقله واعتقاده، قبل التأكد من صحته، وثبوته في الشريعة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب