غاب عن زوجته سنة ونصفا وتدعي أنها حامل من سبعة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج من قبل ٧ سنوات فلم ينجب منها طفلا يعني من زوجته، وبعد ٧ سنين سافر إلى بلد ثاني، وما رجع إلى زوجته مرة ثانية بعدما سافر، وبعد سنة ونصف اتصل عليه والده وقال له: إن زوجتك تقول: إنها حامل بجنين عمره ٧ شهور، وقال الزوج: إن الجنين ليس ابني، وقالت الزوجة إنه ابنه، ما حكم الشريعة في هذه المسألة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا وطئ الرجل امرأته، ثم أتت بولد، نسب إليه، ولو غاب عنها عشرين سنة؛ لأن فراش الزوجية قائم، والولد ينسب للفراش.
قال في "مطالب أولي النهى" (٥/٥٥١) : "ومن ثبت أنه وطئ امرأته فولدت لنصف سنة فأكثر ولو بعد أربع سنين , لحقه نسب ما ولدته ; لأنها صارت فراشا له بوطئه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) متفق عليه" انتهى بتصرف واختصار.
وقال في "كشاف القناع" (٥/٤٠٥) : " فصل فيما يلحق من النسب: من ولدت امرأته ولداً أمكن كونه من الزوج، ولو مع غيبته، قال في الفروع: ولو مع غيبته عشرين سنة , قاله في "المغني", وعليه نصوص أحمد , ولا ينقطع الإمكان عنه بالحيض، قاله في الترغيب [يعني: حتى لو حاضت المرأة لم يكن هذا الحيض مانعاً من لحوق الولد بالزوج] " انتهى.
ولا يمكن للزوج أن ينفي هذا الولد إلا باللعان.
قال الدكتور عبد الرشيد بن محمد أمين بن قاسم في بحثه: " أقل وأكثر مدة الحمل دراسة فقهية طبية ": " حدثني الشيخ الدكتور بكر أبو زيد أنه ثبت لديه حين كان قاضياً بالمدينة حمل دام أربع سنين، وأن الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام السعودية رحمه الله ثبت لديه حمل دام سبع سنين حين كان يشغل منصب القضاء " انتهى من "موقع الإسلام اليوم".
هذا الذي ذكرناه هو في حال قيام الزوجية وبقائها.
وأما عند وقوع الطلاق، ومجيء المطلقة بولد، فالجمهور على أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات، فإن أتت به لأقل من هذه المدة نسب الولد إلى الزوج، وعن مالك: خمس سنوات، ومذهب أبي حنيفة أن أكثر الحمل ثلاث سنوات.
وينظر: "المغني" (٨/٩٨) ، "الموسوعة الفقهية" (٤٠/٢٤٠) ، "الشرح الممتع" (١٣/٣٠٧، ٣٤٠) .
وقد اعتبر جماعة من أهل العلم أن هذه المسائل من باب تقديم النادر على الغالب، رحمةً بالناس، وحفظاً للنسب.
قال العز بن عبد السلام رحمه الله: "إذا أتت الزوجة بالولد لدون أربع سنين من حين طلقها الزوج بعد انقضاء عدتها بالأقراء، فإنه يلحقه، مع أن الغالب الظاهر أن الولد لا يتأخر إلى هذه المدة" انتهى من "قواعد الأحكام" (٢/١٢٢) .
وقال القرافي رحمه الله: "اعلم أن الأصل اعتبار الغالب , وتقديمه على النادر , وهو شأن الشريعة ... وقد يلغي الشرعُ الغالبَ رحمةً بالعباد , ويقدم عليه النادر، مثال ذلك:
غالب الولد أن يوضع لتسعة أشهر، فإذا جاء بعد خمس سنين من امرأة طلقها زوجها دار بين أن يكون زنى، وهو الغالب، وبين أن يكون تأخر في بطن أمه، وهو نادر، ألغى الشارع الغالب , وأثبت حكم النادر , وهو تأخر الحمل، رحمةً بالعباد لحصول الستر عليهم , وصون أعراضهم عن الهتك" انتهى من "الفروق" (٤/١٠٤) بتصرف واختصار.
ثانيا:
لا يعتمد في هذه المسألة على البصمة الوراثية، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من ٢١ – ٢٦ / ١٠ / ١٤٢٢ هـ الذي يوافقه ٥ – ١٠ / ١ / ٢٠٠٢ م
ونصه:
" ثالثاً: لا يجوز شرعاً الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.
رابعاً: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً، ويجب على الجهات المختصة منعه، وفرض العقوبات الزاجرة؛ لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصوناً لأنسابهم " انتهى.
وينظر نص القرار كاملا في جواب السؤال رقم ١٠٣٤١٠.
ثالثا:
إذا كثرت القرائن الدالة على كذب الزوجة، وارتاب الزوج في حصول الولد منه، فله أنه ينفيه – بعد ولادته – باللعان.
وينظر جواب السؤال رقم ٣٣٦١٥.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب