للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز قول تبت لله والرسول؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز قول: (تبت لله والرسول) ، و (أستودعك الله ورسوله) في الوداع، و (حسبنا الله والنبي) ، في الأذكار؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

" التوبة والإنابة قربة أمر الله بها في قوله: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/٣١، وقوله: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) الزمر/٥٤، فلا يكون ذلك لأحد من خلقه، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وكذا الحسب والكفاية لا يكونان إلا من الله تعالى، ولذلك أثنى الله على أهل التوحيد، حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/١٧٣، ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله، قال ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال/٦٤، أي: الله كافيك، وكافي أتباعك، فلا تحتاجون معه إلى أحد. وذكر أن هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم خَطَّأ من قال: المعنى: حسبك الله وحسبك المؤمنون، وعلل ذلك بأن الحسب والكفاية لله وحده، كالتوكل والتقوى والعبادة، قال الله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) الأنفال/٦٢، ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب لله وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى على أهل التوحيد من عباده، حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/١٧٣، ولم يقولوا حسبنا الله والرسول، ونظير هذا قوله، (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) التوبة/٥٩، فتأمل كيف جعل الإيتاء لله والرسول، وجعل الحسب له وحده فلم يقل: (وقالوا حسبنا الله ورسوله) بل جعله خالص حقه، كما قال: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) التوبة/٥٩، فجعل الرغبة إليه وحده، كما قال: (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الشرح/٨، فجعل الرغبة والتوكل والإنابة والحسب لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود والنذر والحلف لا يكون إلا له سبحانه وتعالى. اهـ.

وبهذا يعلم أن ما يقوله بعض الناس عند التوبة: (تبت إلى الله والرسول) أمر لا يجوز، وكذا قولهم: (حسبنا الله والنبي) لا يجوز، بل ذلك شرك، وكذا قول بعضهم في وداع المسافر: (أستودعك الله ورسوله) ؛ لما رواه أبو داود والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يقول للرجل إذا أراد سفراً: ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك) .

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (٢٤/٢٩٨) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>