للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلبت من زوجها أن يطلقها على سبيل المزح

[السُّؤَالُ]

ـ[سأحكي مسألتي باختصار وأريد فتوى سريعه ان سمحتم كنت جالسا أنا وزوجتي وكنا نمزح في بعض الأمور، ثم قالت زوجتي طلقني بمزاح!! فقلت لها لامزاح في هذه الأمور، فقالت: طلقني ـ مره أخرى ـ فقلت لها ـ وأنا غاضب ـ: والله العظيم إن كررتِ ذلك طلقتك، أو: أنتِ طالق، كنت غاضبا ولم أركز ماقلت؛ هل أنا قلت أنت طالق أو سوف أطلقك، ولكن متأكد أنني أقسمت؛ فماحكم ذلك؛ هل تعتبر طالق؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا مجال للهزل واللعب في الطلاق، فإن طلاق الهازل يقع عند جمهور العلماء، وذلك لما روى أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاقُ، وَالرَّجْعَةُ) رواه أبو داود (٢١٩٤) والترمذي (١١٨٤) وابن ماجه (٢٠٣٩) واختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، وقد حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٢٦) .

وقد ورد معناه موقوفاً على بعض الصحابة:

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " أربع جائزات إذا تكلم بهن: الطلاق، والعتاق، والنكاح، والنذر ".

وعن علي رضي الله عنه: " ثلاث لا لعِب فيهن: الطلاق، والعتاق، والنكاح ".

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " ثلاث اللعب فيهن كالجد: الطلاق، والنكاح، والعتق ".

وقد أخطأت زوجتك في طلب الطلاق على سبيل المزاح، وليس للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق إلا لعذر يبيح ذلك؛ لما روى أبو داود (٢٢٢٦) والترمذي (١١٨٧) وابن ماجه (٢٠٥٥) عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.

والبأس: هو الأمر والسبب الملجئ للطلاق.

وأخطأت أنت في التسرع والتلفظ بالطلاق، فإن الطلاق شأنه عظيم، لما يترتب عليه من حل عقدة النكاح، ولو أن الرجل كلما غضب طلق، لانهارت الأسر، وانفرط شمل المجتمع.

ثانيا:

إذا كنت قد قلت: " والله العظيم إن كررتِ ذلك طلقتك " والزوجة لم تكرر طلبها، ولم تعد أنت لتطليقها، فلا يلزمك شيء، لأن هذا تهديد ووعيد بالطلاق في حال تكرارها الطلب، فلو فرض أنها كررت ذلك في المستقبل، كنت أنت بالخيار بين أن تطلقها وتوقع تهديدك، أو تترك ذلك.

وإذا كنت قلت: " والله العظيم إن كررتِ ذلك أنتِ طالق " وهي لم تكرر الطلب، فالطلاق لا يقع. وذلك أن هذا الطلاق معلق على شرط، فلا يقع إلا عند وقوع الشرط، وهو تكرارها طلب الطلاق، فإن عادت وطلبت الطلاق، وقعت طلقة واحدة رجعية عند الجمهور.

ومن أهل العلم من يرى أن الطلاق المعلق على شرط، إذا كان مراد الزوج منه التهديد والتخويف والمنع، وليس الطلاق، أنه لا يقع به طلاق ولو حصل الشرط، بل يلزم فيه كفارة يمين فقط، وهذا هو المعمول به في هذا الموقع، لا سيما وأنت غير متأكد مما قلته لها، والأصل أن النكاح الذي بينكما صحيح، حتى تتأكد من حصول السبب الذي ينهي النكاح القائم بينكما.

وإن لم تكن أنت على بينة مما قلته لها، فيمكنك أن تستعين بزوجتك لتذكرك بما قلته لها، فالأمر يعنيك أنت وهي،

ووأما الطلاق حال الغضب، ففيه تفصيل سبق بيانه في الجواب رقم (٢٢٠٣٤)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>