هل يجوز له العمل في صناعة الرسوم المتحركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يرغب أحد أبناء عمومتي في امتهان مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، فهو شديد الاهتمام بها - والحمد لله -، فهو لديه معرفة واسعة بلغات البرمجة، ولكنه تراوده بعض الشكوك حول ما إذا كانت الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد حرام فى الإسلام، كما يشار دائما إلى حرمة التصوير، ويريد قبل امتهانه مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد معرفة الآراء فى ذلك الأمر من مراجع موثوق بها، أو من أحاديث، برجاء الرد إذا كانت لديكم أية فكرة بخصوص هذا الأمر. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الرسوم المتحركة إن كانت على غير شكل ذوات الأرواح - كالشجر والسيارات -: فلا حرج في صنعها ومشاهدتها من حيث كونها رسماً، وأما إن كانت على شكل ذوات الأرواح - كالبشر والحيوانات -: فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء المعاصرين، فقد ذهب علماء اللجنة الدائمة إلى المنع من الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون ولو كانت ذات صبغة شرعية.
ففي فتوى اللجنة الدائمة رقم (١٩٩٣٣) ، تاريخ ٩ / ١١ / ١٤١٨ هـ: ما نصه:
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون؛ لما تشتمل عليه من الصور المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتوى اللجنة الدائمة " رقم (١٩٩٣٣) ، تاريخ ٩ / ١١ / ١٤١٨ هـ.
وذهب الشيخ العثيمين - رحمه الله - إلى الجواز، كما بيَّنا قوله في جواب السؤال رقم: (٧١١٧٠) فلينظر.
وعلى القول بالجواز فينبغي للمنتج لها أن يراعي أموراً، منها:
١. عدم إخراج الشخصيات القيادية والجهادية بصورة مبتذلة، أو تقولهم ما لم يقولوا.
٢. عدم وضع مقاطع موسيقية مع الأفلام والرسوم المتحركة.
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله -:
يبقى النظر، لا ينسبون إلى أحد من قوَّاد هذه الفتوحات ما لم يقله، هذه هي المشكلة، فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير: ما فيها شيء إن شاء الله، وإذا كانت مصحوبة بموسيقى: فهذا لا يجوز؛ لأن الموسيقى من المعازف المحرمة.
" لقاءات الباب المفتوح " (١٢٧ / السؤال رقم ١٠) .
وقد ذكرنا في بعض أجوبتنا حرمة الألعاب الإلكترونية للصغار والكبار إذا كانت تحتوي على معازف، وللمزيد من التفصيل ينظر جوابي السؤالين: (٢٨٩٨) و (٣٩٧٤٤) .
٣. عدم إخراج صور النساء والرجال بعورات أو بأفعال محرَّمة أو كفرية كحمل الصليب وعبادة الأصنام، ولو كان للتعليم والتمثيل.
٤. أن تحمل تلك الأفلام والرسوم المتحركة معاني سامية، وأن تحتوي على ما يعلِّم الأخلاق الفاضلة.
٥. أن لا تكون الصور والرسوم مشابهة لخلق الله تعالى، حتى لا يخطر بذهن الطفل الصغير أن ثمة من يصنع كخلق الله تعالى.
٦. أن لا يكون فيها تعظيم لبدعة ولا مبتدع، ولا فسق ولا فاسق، وأن لا تشتمل على ذِكر مناسبات بدعية أو محرمة كالاحتفالات بالمولد النبوي، أو بأعياد الميلاد.
٧. منع تمثيل الأنبياء والصحابة، ولو كانت الوقائع حقيقية.
وينظر جواب السؤال رقم (١٤٤٨٨) .
وينظر جواب السؤال رقم (١٠٨٣٦) ففيه ضوابط مهمة زيادة على قلناه ههنا.
وعلى كل حال:
فينبغي للمنتج أن يضع بين عينيه أن ما سيخرجه للنشء فإنه سيتأثر به من يسمعه ويراه، فليحرص على إيصال رسالة الإسلام نقية، وليساهم في تربية الأطفال تربية إسلامية، فيُدخل في أفلامه ورسومه تعظيم الصلاة وتعليمها، وبر الوالدين، وذِكر حقوقهما، وغير ذلك من أخلاق الإسلام العظيمة، مع التحذير من العقوق، والكذب، وقطيعة الرحم، وما يشبه ذلك.
ونرجو أن يكون ما في هذه الرسوم والأفلام من مصالح أكثر من مفسدة التصوير والرسم، ولو كانت المسألة متفقاً عليها بين العلماء لما قلنا بالجواز، حتى لو كان فيها مصالح متعددة، ولكن لما جاءت النصوص باستثناء صناعة الألعاب ولو لذوات الأرواح للأطفال، ووجد من علمائنا من يقول بالجواز: مِلْنا إلى القول بالجواز.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب