بعض المحن والصعوبات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بداية الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المحن والصعوبات التي واجهت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عندما بدأ في دعوة أهل قريش لرسالة التوحيد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المحن والصعوبات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت بسبب ما واجهه به كفار قريش من وسائل وأساليب متنوعة في محاربة دعوته، " إذ عندما رأت قريش أن أثر دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن محدوداً كما كان الحال مع من دعا إلى نبذ الأصنام قبل محمد صلى الله عليه وسلم، أمثال زيد بن عمرو بن نفيل وورقة، قامت في وجه محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه، وأخذت تمارس شتى أساليب ووسائل الترغيب والترهيب لصدهم عن هذا الطريق الذي هدد مصالحهم التي يجنونها من وجود الحرم في أرضهم، وحط من تكبرهم على غيرهم، ووقف أمام شهواتهم في السيطرة واقتراف السيئات والموبقات، ومن أبرز تلك الأساليب:
الأسلوب الأول:
كان أول أسلوب لجؤوا إليه هو محاولة التأثير على عمه أبي طالب حتى يكفه عن الدعوة، أو تجريده من جواره – أي حمايته -، فقد ذهبت مجموعة من أشرافهم إلى عمه أبي طالب وقالوا له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا ... فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه.
نقل ذلك ابن هشام (١/٣٢٨) من رواية ابن إسحاق.
الأسلوب الثاني: التهديد بمنازلة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمه أبي طالب.
ولما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه، غضبت منه قريش وعادوه وحقدوا عليه، فمشوا إلى عمه مرة أخرى فقالوا له: يا أبا طالب! إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وأقسموا بأنهم لن يصبروا على أفعاله حتى يكفه عنهم أو ينازلوه وإياه في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين. عند هذا عظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفساً بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه، ولذا أبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم بالذي قالوه، وطلب منه أن يبقي عليه وعلى نفسه، ولا يحمله من الأمر ما لا يطيق.
" سيرة ابن إسحاق " (ص/١٤٥)
الأسلوب الثالث: الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه.
ومن تلك الاتهامات:
١- اتهموه بالجنون: وفي ذلك نزل قول الله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) الحجر/٦.
٢- اتهموه بالسحر، وفي ذلك نزل قوله تعالى: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) ص/٤.
٣- واتهموه بالكذب، وفي ذلك يقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا) الفرقان/٤.
٤- واتهموه بالإتيان بالأساطير، قال تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفرقان/٥.
٥- وقالوا إن القرآن ليس من عند الله وإنما هو من عند البشر: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل/١٠٣.
٦- واتهموا المؤمنين بالضلالة ... (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ) المطففين/٣٢.
الأسلوب الرابع: السخرية والاستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين.
يقول الله تعالى عن سخريتهم من الذين آمنوا: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/٥٣.
وروى البخاري أن أبا جهل قال مستهزئاً: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) ، فنزلت: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الأنفال/٣٢-٣٣.
الأسلوب الخامس: التشويش.
كان المشركون يتواصون بينهم بافتعال ضجة عالية وصياح منكر عندما يقرأ القرآن، حتى لا يصل إلى سمع أحد وقلبه فيؤثر فيه، وفي ذلك قال الله عز وجل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فصلت/٢٦.
الأسلوب السادس: طلبهم أن تكون للرسول معجزات ومزايا ليست عند البشر العاديين.
من ذلك قولهم: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا. أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا. انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) الفرقان/٧-٩.
وقولهم: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا. أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا) الإسراء/٩٠-٩٣.
الأسلوب السابع: المساومات.
لقد حاولت قريش من خلال هذا الأسلوب أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق، وذلك بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما هو عليه، قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) القلم/٩.
وعندما قالوا له: اعبد آلهتنا يوماً، ونعبد إلهك يوماً، أنزل الله تعالى سورة "الكافرون": (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) وحسم هذه المساومة الهزلية.
الأسلوب الثامن: سب القرآن ومنزله ومن جاء به.
روى البخاري ومسلم وغيرهم في قوله تعالى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) الإسراء/١١٠، أن ابن عباس قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (ولا تجهر بصلاتك) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن: (ولا تخافت بها) عن أصحابك فلا تسمعهم، (وابتغ بين ذلك سبيلاً) .
الأسلوب التاسع: الاتصال باليهود للإتيان منهم بأسئلة تعجيزية للرسول صلى الله عليه وسلم.
أوفدت قريش نفراً منهم إلى المدينة، على رأسهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ليأتوا من اليهود بأسئلة تعجيزية فيطرحوها على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت لهم يهود: سلوه عن أهل الكهف وعن ذي القرنين والروح، ولكن الله أبطل كيدهم عندما أنزل قرآنا في شأن الإجابة عن أسئلتهم.
الأسلوب العاشر: الترغيب.
أرادت قريش أن تجرب أسلوب الترغيب، فأرسلت عتبة بن ربيعة الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم: (يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها: إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد شرفاً سوَّدناك – أي جعلناك سيداً - علينا فلا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملَّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً – من الجن - تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ.
فلما فرغ من قوله تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر سورة " فصلت " إلى قوله: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) .
الأسلوب الحادي عشر: الترهيب.
كان أبو جهل إذا سمع عن رجل قد أسلم وله شرف ومنعة أنَّبه وأخزاه، وقال له: تركت دين أبيك وهو خير منك! لنسفهن حلمك ولنضعفن رأيك ولنضعن شرفك. وإن كان تاجراً قال له: لنكسدن تجارتك، ولنهلكن مالك. وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به.
"سيرة ابن هشام " (١/٣٩٥) .
الأسلوب الثاني عشر: الاعتداء الجسدي.
عندما لم تثمر كل الأساليب السابقة في صد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن دينهم، لجأت قريش إلى أسلوب الاعتداء الجسدي والتصفية الجسدية.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قَالَ: فَقِيلَ: نَعَمْ. فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ. قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ. قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٌ بَلَغَهُ: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى. إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى. أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى. عَبْدًا إِذَا صَلَّى. أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى. أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى. كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ. فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ. سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ. كَلَاّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) .
وروى البخاري بسنده إلى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) .
وروى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:
بينما النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَع رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ونال أبا بكر رضي الله عنه نصيبه من الأذى حتى فكر في الهجرة إلى الحبشة فراراً بدينه.
وكان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبد الله بن مسعود، على الرغم من تحذير المسلمين من عدوان المشركين وخشيتهم عليه، فعندما فعل ذلك ضربوه على وجهه حتى أثروا فيه.
الأسلوب الثالث عشر: ملاحقة المسلمين خارج مكة والتحريض عليهم.
فعندما هاجر بعض المسلمين إلى النجاشي أرسلوا خلفهم من حاول اللحاق بهم قبل العبور إلى الحبشة، وعندما استقروا بالحبشة وكثر عددهم أرسلوا في طلبهم، واستخدموا في ذلك الرشوة والحيلة للوقيعة بين المسلمين والنجاشي، ولكنهم فشلوا في ذلك.
الأسلوب الرابع عشر: المقاطعة العامة – وذلك في شعب أبي طالب -.
الأسلوب الخامس عشر: محاولة قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم شن الحرب عليه.
إن أعداء الإسلام في كل زمان ومكان لم يكفوا ولن يكفوا عن استخدام كافة الوسائل والأساليب لإطفاء نور الإسلام ومحاربة دعاته، وربما تتجدد الأساليب والوسائل، ولكنها لا تخرج في مضمونها عن تلك الأساليب التي مارسها كفار قريش ضد المسلمين المستضعفين بمكة" انتهى باختصار من كتاب " السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية " للدكتور مهدي رزق الله (ص/١٦٥-١٩٤) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب