للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من صور القبض: الشيك والحوالة والإيداع في الحساب

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن تجار من بلد عربي نتعامل مع دول أوروبية , ولشراء السلع في هذه الدول يلزمنا أن نشتري العملة الأوروبية. فالدولة التي نعيش فيها لا تسمح لنا بالخروج بالعملة الأوروبية من بلدنا إلا بقيمة مالية صغيرة جداً لا تكفي لتسديد السلع هناك في الخارج , وهذا ما يلزمنا أن نشتري العملة هناك في أوروبا أي ندفع الدينار في بلدنا مسبقا وبعدها نقبض العملة الأجنبية هناك في البلد الذي نسعى إليه لشراء السلع. وآخرون يدفعون رشاوى للجمارك في المطار ببلدنا للمرور بالعملة الأجنبية إلى الخارج, وفي بعض الأحيان يلقى القبض عليهم فتؤخذ أموالهم ويضطرون إلى دفع غرامة مالية كبيرة. هل شراء العملة بهذه الكيفية تهربا من الرشوة والمكوس يعتبر جائزا أم لا؟ وليس لنا حل آخر.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

مبادلة العملات النقدية المختلفة يسمى بالصرف، ويشترط لجوازه حصول التقابض في المجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (١٥٨٧) .

والعملات النقدية تقوم مقام الذهب والفضة فيجب عند بيع عملة بأخرى أن يكون ذلك (يداً بيد) وهو ما يعبر عنه الفقهاء بقولهم: التقابض في مجلس العقد، أي: لا يجوز أن يفترق البائع والمشتري قبل أن يقبض كل واحد منهما ما يخصه من النقود.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة، لكن بشرط التقابض

يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد، فيقبض منه ويُقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد فلا بأس، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز، لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة، أما إذا كانت من نوع واحد فلا بد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ. . ثم ذكر الحديث) .

والعُمَل حكمها حكم ما ذكر، إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس، وإذا كانت نوعاً واحداً مثل دولارات بدولارات، أو دنانير بدنانير فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل، والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (١٩/١٧١- ١٧٤) .

والقبض يحصل بصور، منها: الشيك، وورقة الحوالة والإيداع في الحساب.

وقد صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة قرار جاء فيه: " بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:

أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف.

ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه " انتهى.

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلاً أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للريال السوداني، علماً بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا رباً؟

فأجابوا:

"يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى، ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٤٤٨) .

فإذا كنت تدفع الدينار في بلدك لأحد المصارف، ويعطيك شيكا أو حوالة بما يقابل المبلغ بالعملة الأوربية فلا حرج في ذلك.

وكذلك لو دفعت الدينار في بلدك لمن يضع في حسابك في الخارج في نفس الوقت مقابله من العملة الأوربية، فهذا جائز أيضا.

ثانيا:

لا يجوز أخذ المكوس على البضائع والنقود وغيرها، وللإنسان أن يتخلص منها ببذل بعض ماله، وليس له أن يقع في الربا لتفادي ذلك.

وقد سبق الكلام على مسألة دفع الرشوة للتخلص من الظلم أو الوصول إلى حق، في جواب السؤال رقم (٢٥٧٥٨) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>