للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اغتسل ثم تبين له أن رجله لم يصبها الماء

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا اغتسل الإنسان غسل الجنابة مثلا، ثم بعد ثلاث ساعات علم أن هناك حائلا منع وصول الماء إلى رجله، فهل يلزمه إعادة الغسل، أم عليه فقط أن يغسل رجله؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

من شروط الوضوء والغسل التي لا بد من تحققها كي يقع صحيحا مجزئا، زوالُ كلِّ مانعٍ وحائل يمنع وصول الماء إلى البشرة، كالأدهان والأصباغ والألوان التي لها جِرمٌ يحجز الماء عن الجلد.

قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه "الأم" (١/٤٤) :

" وإن كان عليه عِلْكٌ أو شيء ثخين فيمنع الماء أن يصل إلى الجلد لم يُجْزِهِ وضوءُهُ ذلك العضوَ حتى يُزيلَ عنه ذلك، أو يُزيلَ منه ما يعلم أن الماء قد ماسَّ معه الجلدَ كُلَّه، لا حائل دونه " انتهى.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٦٩٨١٧) .

ثانيا:

فإن ترك المغتسل موضعا من جسمه لم يصبه الماء، أو حال بينَ جُزءٍ من جسمه وبين الماء حائلٌ ومانع، ثم تَنَبَّهَ بعد فترة من الزمن، فهل يعيد غسله كاملا، أم يكفي غسل الجزء الذي لم يصبه الماء فقط؟

هذه المسألة مبنية على حكم الموالاة بين الأعضاء في الغسل، والموالاة: أن يقع غسل أعضاء الجسم على الولاء، بعضُها يلي بعضاً، دون وجود فاصلٍ طويل.

وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى عدم وجوب الموالاة في الغسل.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (١١/١٠٠-١٠١) :

" التّرتيب والموالاة في الغسل غير واجبين عند جمهور الفقهاء.

وقال اللّيث: لا بدّ من الموالاة.

واختلف فيه عن الإمام مالك، والمقدّم عند أصحابه: وجوب الموالاة. وفيه وجه لأصحاب الإمام الشّافعيّ.

فعلى قول الجمهور: لو ترك غسل عضو أو لمعة من عضو، تدارك المتروكَ وحدَه بعدُ، طال الوقت أو قصر " انتهى باختصار.

وانظر أيضا: "المغني" (١/٢٢٠) ، "منح الجليل" (١/١٢٥)

وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح العمدة" (١/٢٠٨-٢٠٩) قول الجمهور، وانتصر له، وذكر من أدلته:

" ١- ما روى ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم: أنه رأى لمعة بعد غسله فعصر شعره عليها.

رواه ابن ماجه (٦٦٣) وضعفه ابن حجر في الدراية (١/٥٥) وابن الجوزي في العلل (١/٣٤٧) والبوصيري في "مصباح الزجاجة"، والألباني في ضعيف ابن ماجه.

٢- وعن علي رضي الله عنه قال:

(جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني اغتسلت من الجنابة وصليت الفجر ثم أصبحت فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت مسحت عليه بيدك أجزأك)

رواه ابن ماجه (٦٦٤) وضعفه البوصيري في "مصباح الزجاجة"، والألباني في ضعيف ابن ماجه.

٣- ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة، وكذلك الآكل، والمُجامع ثانيا، وكان أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد إذا توضؤوا وهم جنب، ولولا أن الجنابة تنقص بالوضوء لم يكن في ذلك فائدة، وإنما تنقص إذا صح تبعيضها، وإذا صح تبعيضها صح تفريقها، بخلاف الوضوء، فإنه لايصح تبعيضه في موضع واحد، بل لا يرتفع الحدث عن عضو حتى يرتفع عن جميع الأعضاء.

٤- وقال ابن عباس فيمن نسي المضمضة والاستنشاق في الجنابة وصلى: أنه ينصرف فيمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة. رواه سعيد في سننه.

ورواه الدارقطني في سننه (١/١١٦) وجاء مثله عن جماعة من السلف، كما في مصنف ابن أبي شيبة (١/٢٢٤-٢٢٥)

٥- ولأن الموالاة تابعة للترتيب، والتريب إنما يكون بين عضوين، وبدن الجنب كالعضو الواحد.

٦- ولأن تفريق الغسل يحتاج إليه كثيرا، فإنه قد يكون أصلح للبدين، وقد ينسى فيه موضع لمعة أو لمعتين أو باطن شعره، وفي إعادته مشقة عظيمة، والوضوء يندر ذلك فيه، وتخف مؤونة الإعادة فافترقا " انتهى بتصرف يسير.

فعلى هذا، مَن ترك جزءا مِن جسمه لم يصبه ماء الغسل، أو كان عليه حائل منع وصول الماء إلى الجسم، فإنه يجزئه غسل الجزء المتروك فقط، ولا يجب إعادة الاغتسال.

قال الإمام الشافعي في "الأم" (٢/٨٨) :

" ولو ترك لُمعةً – يعني موضعا - من جسده - تقل أو تكثر - فصلى، أعاد غسل ما ترك من جسده، ثم أعاد الصلاة بعد غسله " انتهى.

وانظر سؤال رقم (٩٠٦٦)

وانظر جواب السؤال رقم (٥٠٣٢٠) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>