مباشرة المرأة وهي حائض أو نفساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز ملاعبة الزوجة وهي في فترة الحيض أو النفاس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مباشرة الرجل وملاعبته لامرأته وهي في فترة الحيض أو النفاس على ثلاثة أقسام:
أَحَدهَا:
أَنْ يُبَاشِرهَا بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْج , فَهَذَا حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وبِنَصِّ الْقُرْآن الْعَزِيز
قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) البقرة/٢٢٢.
الْقِسْم الثَّانِي:
الْمُبَاشَرَة فِيمَا فَوْق السُّرَّة وَتَحْت الرُّكْبَة بِالْقُبْلَةِ أَوْ الْمُعَانَقَة أَوْ اللَّمْس أَوْ غَيْر ذَلِكَ , وَهُوَ حَلال بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء.
انظر: "شرح مسلم" للنووي، و "المغني" (١/٤١٤) .
الْقِسْم الثَّالِث:
الْمُبَاشَرَة فِيمَا بَيْن السُّرَّة وَالرُّكْبَة فِي غَيْر الْقُبُل وَالدُّبُر , فهذا قد اختلف العلماء في جوازه. فذهب إلى تحريمه الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي. وذهب إلى جوازه الإمام أحمد، واختاره بعض الحنفية والمالكية والشافعية. قال النووي: هو الأقٌوى دليلاً وَهُوَ الْمُخْتَار اهـ.
واحتج القائلون بالجواز بأدلة من القرآن والسنة:
أما القرآن، فاحتجوا بالآية السابقة: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) البقرة/٢٢٢.
قال ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (١/٤١٣) :
المحيض هو زمان الحيض ومكانه، ومكانه هو الفرج فما دامت حائضا فوطؤها في الفرج حرام اهـ.
وقال ابن قدامة في "المغني" (١/٤١٥) :
فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحته فيما عداه اهـ.
وأما السنة فروى مسلم (٣٠٢) عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ. . . إِلَى آخِرِ الآيَةِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلا خَالَفَنَا فِيهِ!!
ومعنى (لَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوت) أَيْ لَمْ يُخَالِطُوهُنَّ وَلَمْ يُسَاكِنُوهُنَّ فِي بَيْت وَاحِد اهـ. قاله النووي.
وروى أبو داود (٢٧٢) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنْ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا. قال الحافظ: إسناده قوي اهـ. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢٤٢) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (٥/٣٩٥) :
يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في فرجها وهي حائض، وله أن يباشرها فيما عداه اهـ.
والأولى للرجل إذا أرد أن يستمتع بامرأته وهي حائض أن يأمرها أن تلبس ثوباً تستر به ما بين السرة والركبة، ثم يباشرها فيما سوى ذلك.
لما رواه البخاري (٣٠٢) ومسلم (٢٢٩٣) عن عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا.
وروى مسلم (٢٩٤) عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ.
(فِي فَوْر حَيْضَتهَا) أي: أَوَّله وَمُعْظَمه. قَالَه الْخَطَّابِيُّ.
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" عند شرح حديث رقم (٢١٦٧) من عون المعبود:
وَحَدِيث " اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ" ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّحْرِيم إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَوْضِع الْحَيْض خَاصَّة , وَهُوَ النِّكَاح , وَأَبَاحَ كُلّ مَا دُونه. وَأَحَادِيث الإِزَار لا تُنَاقِضهُ، لأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغ فِي اِجْتِنَاب الأَذَى , وَهُوَ أَوْلَى اهـ. بتصرف.
ويحتمل أن يفرق بين أول الحيض وآخره، ويكون استحباب ستر ما بين السرة إلى الركبة خاصاً بوقت نزول الدم بكثرة وهذا يكون في أول الحيض.
قال الحافظ:
وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ أُمّ سَلَمَة أَيْضًا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَّقِي سَوْرَة الدَّم ثَلاثًا ثُمَّ يُبَاشِر بَعْد ذَلِكَ. اهـ بتصرف.
تنبيه:
ما سبق من الأحكام تستوي فيها الحائض والنفساء.
قال ابن قدامة رحمه الله بعد أن ذكر أقسام مباشرة الرجل لامراته وهي حائض، قال:
والنفساء كالحائض في هذا اهـ المغني (١/٤١٩) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب