للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تاب القاذف هل تقبل شهادته؟

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا تاب القاذف من القذف، واستقام، هل تقبل شهادته، أم لا؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

رتب الله تعالى على القذف ثلاث عقوبات، وهي: الحد، وعدم قبول الشهادة، والوصف بالفسق.

فقال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور/٤-٥.

أما الحد فقد أجمع العلماء على أن حد القذف ثمانون جلدة إذا كان القاذف حراً، رجلاً كان أم امرأة؛ لقول الله تعالى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) النور/٤.

وأما عدم قبول شهادته، فقد اتفق العلماء على أن القاذف لا تقبل له شهادة ما دام لم يتب، لأنه ارتكب معصية كبيرة وهي القذف ولم يتب منها ففقد العدالة، والعدالة شرط لقبول الشهادة، ولأنه كاذب وفاسق بنص الآية الكريمة: (وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) ، (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ) النور/١٣.

والفاسق والكاذب لا تقبل له شهادة، لقول الله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ) فيشترط في الشاهد أن يكون عدلاً، والفاسق والكاذب ليس عدلاً.

فإن تاب من القذف وكَذَّب نفسه، فذهب جمهور العلماء (مالك والشافعي وأحمد) إلى قبول شهادته، قالوا:

١- لأن التوبة تهدم ما كان قبلها من الذنوب، فإذا تاب فقد محي ذلك الذنب وأثره تماماً، وعدم قبول الشهادة من آثار ذلك الذنب.

قال الإمام الشافعي في "الأم" (٧/٩٤) :

"فإذا أكذب نفسه قبلت شهادته، وإن لم يفعل لم تقبل، حتى يفعل، لأن الذنب الذي ردت به شهادته هو القذف، فإذا أكذب نفسه فقد تاب" انتهى.

٢- ولأن تأبيد عدم قبول الشهادة في الآية مقيد بما إذا استمر على الفسق، ولذلك ذكر بعدها الحكم عليه بالفسق: (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) فإذا زال عنه وصف الفسق زال عنه سبب رد شهادته.

٣- أنه ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال لمن قذفوا المغيرة بن شعبة بعدما جلدهم الحد، قال: (من تاب قبلت شهادته) رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به.

وتوبته: أن يكذب نفسه في اتهام المقذوف بالزنى، ولهذا جاء لفظ عمر عند ابن جرير: (من كذب نفسه قبلت شهادته) .

فإذا تاب القاذف واستقام قُبلت شهادته، كغيره من المسلمين العدول.

"المغني" (١٢/٣٨٦) ، "المجموع" (٢٢/٩٨-١٠١) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>