حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة صلاة النجاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من المباح تلاوة دعاء " طرود تنجينا " حيث إن نص الدعاء: " اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات، في الحياة وبعد الممات" ففيما يتعلق بهذا الدعاء أن شيخا كفيفا، يُدعَى صالح موسى، يروي قصته في هذا الأمر قائلا: " لقد كنت في قارب، وقد أوشك القارب على الغرق، وبينما أنا في حالة بين الإفاقة والإغماءة، ظهر أمامي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة، وعلَّمَني دعاءَ الطرود التالي، والذي قال: ينبغي أن يردده المسافرون ألف مرة، وهم على ظهر قواربهم، وما أن ردده المسافرون لـ ٣٠٠ مرة فقط، إلا وقد أنقذ الله القارب بمعجزة هذا الدعاء، ولقد ذكر دعاء " الطرود " في كتاب " الفجر المنير " للفاكهاني (ت: ٧٣٤هـ) هل الدعاء صحيح في نقله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه الصيغة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صيغة محدثة، لم ترد في السنة والآثار.
وإنما ذكرها صاحب كتاب " نزهة المجالس ومنتخب النفائس " (ص/٢٨٤) ، المؤرخ الأديب عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري، المتوفى سنة (ت ٨٩٤هـ) ، والشيخ عمر بن علي بن سالم الفاكهاني النحوي الفقيه المالكي (ت ٧٣٤هـ) أورده في كتابه " الفجر المنير " (ص/٣١-٣٢) فقال:
" أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير رحمه الله تعالى أنه ركب في البحر، قال: وقامت علينا ريح تسمى: الأقلابية، قلَّ مَن ينجو منها مِن الغرق، وضج الناس خوفاً من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولون ألف مرة: اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا، صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات.
قال: فاستيقظت، وأعلمت أهل المركب بالرؤيا، فصلينا بها نحو ثلاثمائة مرة؛ ففرج عنا. هذا أو قريب منه، صلى الله عليه وسلم " انتهى.
ومعلوم أن الرؤى والمنامات لا تثبت بها الأحكام ولا فضائل الأعمال، فلا يجوز الاعتماد عليها في إثبات فضيلة لهذه الصيغة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وشرع الله تعالى كامل، كما قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة/٣ وبلغه لنا الرسول صلى اله عليه وسلم كاملاً ولم يكتم منه شيئاً، فيكفي المسلم أن يعمل بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصح عنه، ولا حاجة إلى تشريع عبادة أو استحبابها برؤى أو منامات.
وهناك أدعية كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب، وإذا غلبه أمر.
فقد روى البخاري (٦٣٤٥) ومسلم (٢٧٣٠) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ولفظ مسلم: (ورب العرش الكريم) .
وروى الترمذي (٣٥٢٤) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: (يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
(كربه) أي: أصابه كرب وشدة.
فليحرص المسلم على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الابتداع في الدين، ورضي الله عن عبد الله بن مسعود حيث قال: (اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ) رواه الدارمي (٢٠٥) .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لحسن القول والعمل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب