هل يجوز للخطيب استعمال " البروجكتر " في خطبة الجمعة؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد مانع شرعي من استخدام وسائل الإيضاح المرئية، والإلكترونية، كشاشات التلفاز، أو " البروجكترات "، كأداة مساعدة للخطيب في خطبة الجمعة، من غير أن يصدر منها أي صوت يقطع صوت الخطيب؟ فالهدف من خطبة الجمعة هو تذكير الناس، ووعظهم، وتعليمهم، والتواصل معهم في أمور دينهم، وأمور حياتهم اليومية، والنابعة من بيئتهم ومجتمعهم، وأن مثل هذه الوسائل تساعد علي إيصال الخطبة بشكل أكثر فعالية للمصلين، وجذبهم للب الموضوع، مع مراعاة جميع النواحي الشرعية في الوسيلة التوضيحية، فمكبرات الصوت ساعدت على إيصال صوت الخطيب إلى عدد كبير من الناس، فهي أداة سمعية مساعدة، وبالمثل: فالشاشات، والبروجكترات هي أدوات بصرية مساعدة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير التواصل مع أصحابه بإشارات من يديه الكريمتين لتقريب الفكرة بصريّاً، فساعة نراه عليه الصلاة والسلام يقرب بين السبابة والوسطى، وساعة نراه عليه الصلاة والسلام يرسم ثلاث خطوط على الأرض يحدد فيها الإنسان وأجله وأمله كما جاء في " مسلم "، فهي أمور بسيطة في ذلك الزمن، ولكنها تساعد على إيضاح فكرة ما، أو تقريب الصورة إلى أذهان المستمعين. فأرجو من فضيلتكم الرد على سؤالي]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مخطئ من يظن أن الإسلام يتعارض في أحكامه مع " التطور " التقني، والاختراعات الحديثة، وما استعمال الإنترنت، والقنوات الفضائية، وأدوات الاتصال الحديثة إلا أدلة يسيرة على صدق هذا القول، لكن ذلك مشروط بموافقته للشرع، وعدم وجود محاذير، أو آثار سلبية.
والذي نراه أن استعمال " البروجكتر " في خطبة الجمعة لا يتوافق مع الشرع؛ لأسباب:
١. أن خطبة الجمعة لها هيبتها، ومنزلتها التي سماها الله تعالى في كتابه " ذكر الله "، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعة/ ٩.
وإن استعمال جهاز العرض ذاك يقلل هيبتها، أو يُذهبه، ولا يتناسب مع كون الخطبة ذِكراً لله تعالى.
٢. أن السنَّة في خطبة الجمعة أنها تكون قصيرة، ومن شأن استعمال جهاز العرض فيها أن يطوِّلها، وهو مخالف للهدي النبوي.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ – أي: ابن ياسر - فَأَوْجَزَ، وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ – أي: أطلتَ -، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْراً) .
رواه مسلم (٨٦٩) . وانظر جواب السؤال رقم (١٢٢٧٠١) .
٣. أن من شأن ذلك الاستعمال أن يكون لأناس دون آخرين، ومن شأنه أن يحرم طائفة من المصلين، كالنساء، أو من يجلسون في مكان لا يمكنهم فيه المشاهدة، من هذا العرض، الذي سيكون ـ في هذه الحالة ـ جزءا من الخطبة، متمما لكلام الخطيب!!
٤. وإن من شأن استعمال جهاز العرض ذاك أن تُطفأ الأنوار! وأن تشغل أنوار جهاز العرض، وهو ما سيتسبب في حركة بعض المصلين الحاضرين في الإطفاء، والتشغيل، وإشغالهم بطريقة العرض، والصور المعروضة، أو الصوت الخارج منها، وهو ما يتنافى مع أحكام الجمعة، وقد حرَّم النبي صلى عليه وسلم مسَّ الحصى أثناء الخطبة، وجعل من فعل ذلك متعمداً أنه يُحرم من أجر الجمعة، بل حرم العبث بالحصى الذي يكون ـ عادة ـ في أرض المسجد: (وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا) رواه مسلم (٨٥٧) من حديث أبي هريرة.
فالذي نراه: هو عدم جواز استعمال جهاز العرض الضوئي في خطبة الجمعة، وأما في الدروس والمواعظ والمحاضرات: فالأمر فيه واسع، ولا حرج في استعماله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب