بماذا يبدأ في تعليم من أسلم حديثا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يريد شخص اعتناق الإسلام بسبب دعوتي إليه، ما هو أول ما أعلمه، وكيف أعلمه إن كان لا يعرف اللغة العربية، وأنا لا أعرف لغته، مثلا يتكلم هو (الإنكليزية) ، كيف يتم تعليمه، وإن كان هناك كتب أو مواقع فأرجو منكم أن تدلوني إلى الصواب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بداية نسأل الله تعالى أن يبارك في جهدك وعملك، وأن يجعله في ميزان حسناتك، ونسأله تعالى أن يوفق جميع المسلمين للعمل لهذا الدين.
ثم ننصحك أخي الكريم بالعناية بأمور مهمة في دعوة هذا الشخص إلى الإسلام وتعليمه أحكامه، منها:
١- لا بد أن تبدأ معه بتعليمه معنى الشهادتين؛ لأنها مفتاح الإسلام وخلاصته، فتشرح له التوحيد الذي هو عز المسلم في الدنيا وفوزه في الآخرة، حتى يتعلق قلبه بالله عز وجل، فتعلمه أن العبودية المطلقة لله عز وجل، وإسلام الوجه له يعني الانقياد لطاعته، والتخلص من جميع قيود الهوى والشهوات.
ومن الكتب المفيدة في شرح هذه المعاني كتاب: " تعريف عام بدين الإسلام " للشيخ علي الطنطاوي.
٢- وعليك بتوجيهه إلى كتاب الله تعالى، وحثه على العناية به قراءة وتدبرا وتفكرا في معانيه، فهو نور وهدى أنزله الله للناس، يشرح به صدورهم، ويثبت به نفوسهم، وهو كله بركة وخير وأجر، وله من الأثر في النفوس والقلوب ما يدركه كل من قرأه.
قال الله عز وجل: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) المائدة/١٥-١٦.
فينبغي أن تُعَلِّمَه شيئا من القرآن الكريم، وشيئا عن كيفية نزوله وعن سوره وآياته.
٣- ثم تعلمه شيئا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، عن مولده ونشأته وبعثته، وبداية دعوته إلى هذا الدين العظيم، ثم هجرته إلى المدينة وتحمله كل بلاء في سبيل إيصال الهدى والخير إلى الناس، ثم تبين له أن شخصه صلى الله عليه وسلم متمثل بين أيدينا اليوم في سنته وأحاديثه المروية الصحيحة، فمن أراد أن يقرأ عن هذا الرسول الكريم من أوثق المصادر فعليه بصحيحي البخاري ومسلم، وعليه بالقراءة في كتب السنة النبوية عموما، وكتب السيرة، ففيها شرح مفصل لحياته صلى الله عليه وسلم وهديه.
والكتب التي ننصح بها في هذا المقصد:
" مختصر صحيح البخاري " للزبيدي، " مختصر صحيح مسلم " للمنذري، " رياض الصالحين " للنووي، " الرحيق المختوم " للمباركفوري.
وكلها لها ترجمات إلى اللغة الانجليزية مطبوعة.
٤- وعليك بتعليمه شيئا موجزا حول أركان الإسلام الخمسة: الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. وشيئا موجزا عن أركان الإيمان الستة: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
فلو خصصت لهذا الأخ المسلم الجديد جلسات للحديث عن كل ركن من هذه الأركان، والقراءة معه في بعض الكتب التي تتحدث عنها لكان مفيدا ونافعا جدا بإذن الله تعالى.
واحرص في تعليم هذه الأركان على عدم الخوض في التفاصيل الخلافية، والاقتصار على المقاصد المهمة التي يتفق عليها جميع المسلمين، مع تنبيهه إلى وجود خلاف في بعض التفاصيل، لكنه ليس خلافا مذموما، ولا تفرقا ونزاعا بين المسلمين والحمد لله، بل هو خلاف نابع من طبيعة النصوص الشرعية، ولحكمة أرادها الله عز وجل، للمصيب فيها أجران، وللمخطئ فيها أجر واحد.
ومن الكتب المفيدة في هذا: كتاب "ما لا يسع المسلم جهله" لكل من الدكتور عبد الله المصلح، والدكتور صلاح الصاوي. فهو كتاب نافع في التعريف بمقاصد الإسلام المهمة وأحكامه الرئيسية.
٥- وِلْتُخَصِّصْ جزءا من تعليمك له لبيان المحرمات في الإسلام، ليعرف أن دائرة الحرام في الشريعة دائرة ضيقة محصورة، وما سواها كله مباح حلال بإذن الله، فينبغي أن يعرف الكبائر المتفق على حرمتها: الشرك، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين، وغيرها، وحبذا لو تَعَلَّمَ شيئا عن صغائر الذنوب، كي يحذرها ويجتنبها أيضا، خاصة أن المقبل إلى الإسلام يحمل من الصدق – في الغالب - ما يدفعه إلى الالتزام التام بأحكام الشريعة.
ويمكنك الاستعانة بكتاب " الكبائر " للإمام الذهبي، فهو كتاب مفيد وجامع في بابه.
٦- ومن المهم جدا أن تبين له أن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين المعاملة، يحث على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، ويعد حسن الخلق من أكثر ما يدخل الناس الجنة، وأن الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم، فالصدق، والأمانة، والوفاء، وحفظ العهد والوعد، والعفو، والجود، والإحسان، والرحمة، وغيرها من الأخلاق، كلها من صميم الدين وصلبه، يجمع ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٢٧٣) والحاكم في "المستدرك" (٢/٦٧٠) وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٤٥) .
٧- ومن أهم ما ينبغي عليك العناية في تعليمه أبواب الرقائق وأعمال اللوب، والقلب كالزهرة إن لم يعتن المرء بها غلبتها الأشواك والأدران، وجلاء القلب بتعلم عظمة الله تعالى، وتنمية الخوف من عذابه، ورجاء ثوابه، وحبه سبحانه والشوق إلى لقائه.
ويتعلم المسلم أيضا الإخلاص والتوبة والخشوع والزهد والورع، وتعظيم الحرمات، والصبر والرضا والشكر واليقين والتوكل، وهي كلها من العبادات القلبية المهمة التي تحتاج إلى عناية ورعاية، وسيجد كل من يعتني بتحقيقها عظيم اللذة القلبية والسعادة الإيمانية، ومن غفل عنها فقد غفل عن خير كثير.
وكتب العلامة ابن القيم تعلم أعمال القلوب، وتنور بصيرة المسلم في هذه الأبواب، ومن أهمها: " مدارج السالكين " غير أننا ننصح بقراءة تهذيبه للشيخ عبد المنعم العزي.
٨- وأخيرا من المهم أيضا تعليمه شيئا عن بطلان الأديان الأخرى، وخاصة الدين الذي كان عليه، ليزداد يقينه بالإسلام الذي صار إليه، وليحصن نفسه من أي شبهة تطرأ أو ترد، ثم ينظر عظيم فضل الله عليه حين هداه إلى الإسلام والدين القويم.
هذه أفكار نظن أنها كافية في المساعدة على تعليم الإسلام، وهي وإن بدت كثيرة طويلة شاقة، إلا أنك تملك التحكم في طولها وقصرها، فتستطيع أن تقتصر على المناسب للمتلقي ولك، أو تطول إذا وجدت فسحة من العمر والوقت.
وإذا كان اختلاف اللغة بينك وبينه عائقا يحول دون تحقيق المقصود، فليس هناك حل إلا أن تستعين بمن يترجم لكما، كما يمكنكما استعمال الكتب والمواد السمعية والبصرية المترجمة إلى اللغتين: العربية والانجليزية، ومنها على هذا الرابط:
http://saaid.net/book/list.php?cat=٩٢
أو أن يبذل أحدكما جهده في تعلم لغة الآخر.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب