للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تستجاب توبة من ابتلي بالعادة السرية؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل تستجاب توبة من ابتلي بالعادة السرية وقد قرأت في الإنترنت حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (سبع لا ينظر إليهم الخالق يوم القيامة، ولا يزكيهم، ويدخلهم النار: الفاعل، والمفعول به، والناكح بيده، وناكح البهيمة، وناكح المرأة من دبرها، والجامع بين المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره حتى يلعنه)

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نص الحديث المقصود في السؤال كالآتي:

(سبعة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العالمين، يدخلون النار أول الداخلين، إلا أن يتوبوا، إلا أن يتوبوا، إلا أن يتوبوا ممن تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل، والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب أبويه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره) .

وقد روي هذا الحديث عن اثنين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أولا: عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

رواه أبو علي الحسن بن عرفة في جزء حديثي له (رقم/٤١) ، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (٢/١٤٤) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٧/٣٢٩) ، والآجري في " ذم اللواط " (رقم/٥٤) قال ابن عرفة: حدثني علي بن ثابت الجزري، عن مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

وهذا إسناد ضعيف جدا.

قال الذهبي رحمه الله:

" مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد عن أنس، في سب الناكح يده: يُجهَل هو وشيخه. وقال الأزدي: ضعيف " انتهى.

" ميزان الاعتدال " (٤/١٠٨)

وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله:

" قال المؤلف: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حسان يعرف، ولا مسلمة " انتهى.

" العلل المتناهية " (٢/١٤٤) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

" هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (٥/٤٦٣) .

وقد نص على تضعيفه أيضا: ابن الملقن في " البدر المنير " (٧/٦٦٢) ، وابن حجر في " التلخيص الحبير " (٣/١٢١٦) ، والألباني في " إرواء الغليل " (٨/٥٨) .

ثانيا: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:

رواه الآجري في " ذم اللواط " (رقم/٥٣) ، وعنه ابن بشران في " الأمالي " (رقم/٤٧٧) وغيره.

قال الشيخ الألباني رحمه الله:

" هذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة وشيخه الإفريقي، فإنهما ضعيفان من قبل حفظهما، وقد أورد المنذري في " الترغيب " (٣ / ١٩٥) قطعة من الحديث، وقال: رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما، وأشار لضعفه " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/٣١٩)

والحاصل: أنه لم يثبت حديث خاص في لعن من ابتلي بالعادة السرية، أو بيان جزائه عند الله، وإنما يقرر العلماء حرمة هذه القاذورة من وصف الله عز وجل لكل طريق لتفريغ الشهوة ـ غير الزواج وجماع الأمة ـ: أنه من الاعتداء، وذلك في قوله تعالى: (والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المؤمنون/٥-٧.

ولا شك أن العادة السرية، ونكاح اليد، مما هو "وراء ذلك "؛ فهو من العدوان.

وقد استدل بهذه الآية على تحريم نكاح اليد الإام مالك والإمام الشافعي، رحمهما الله.

قال الشنقيطي رحمه الله:

" الذي يظهر لي أن استدلال مالك، والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة، على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله، يدل عليه ظاهر القرآن، ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة " انتهى.

" أضواء البيان " (٥/٣١٧) .

وأما باب التوبة فمفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، لا يحول دونه حائل، ولا يمنع منه مانع، والله يقبل التوبة من عباده جميعا، ويغفر الذنوب جميعا، وإذا كان المشرك التائب المعلن إسلامه يغفر الله له ما سلف، فكيف بالمؤمن الذي ضعف أمام الشهوة ثم آب وأناب إلى الله عز وجل.

يقول الله تعالى:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) الزمر/٥٣-٥٤.

على أن الحديث المذكور، على فرض أن يكون صحيحا ـ يشهد لصحة توبة ناكح يده، إذا تاب إلى الله تعالى.

وانظر جواب السؤال رقم: (٣٢٩) في تحريم العادة السرية.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>