للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حكم بطاقات التخفيض

[السُّؤَالُ]

ـ[يوزع هنا في دولة الكويت لطلاب الجامعات بطاقات خصومات تتراوح نسبته بين ٥ إلى ٢٥% وتكون على الكثير من الأماكن مثل المطاعم ـ محلات الألبسة- المكتبات ---إلخ لكن مع ملاحظة أن الحصول على هذه الخصومات يكون عن طريق شراء بطاقة لهذه الخصومات ثمنها ٥ دنانير، وهناك من قال إن هذا الثمن هو كمصروف دعاية أو نفقات للشركة التي تقوم بتوزيع هذه البطاقات، فهل يجوز شراء هذه البطاقة واستعمالها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

بطاقات التخفيض التي تصدرها شركات الدعاية والإعلان والتسويق، أو شركات السياحة والسفر، أو بعض المراكز التجارية، وتمنح حاملها حسماً معيناً من أسعار السلع والخدمات لدى مجموعة من الشركات والمؤسسات وغيرها، هذه البطاقات تنقسم إلى قسمين:

الأول: بطاقات يتم الحصول عليها بمقابل مادي عن طريق الاشتراك السنوي.

الثاني: بطاقات مجانية، يتم الحصول عليها عن طريق الإهداء للمشتري تشجيعاً له على التعامل معهم، وقد تُمنح مجاناً لمن بلغت مشترياته حداً معيناً.

أمَّا البطاقات التي يتم الحصول عليها بمقابل مادي فهي محرمة؛ لاشتمالها على عدد من المحاذير الشرعية، ومن ذلك:

١- الجهالة والغرر، لأن المشتري يدفع مبلغاً من المال ثمناً للبطاقة، بهدف الحصول على التخفيض، وهذا التخفيض لا تُعرف حقيقته ومقداره، فقد لا يستعمل البطاقة، وقد يستعملها فيحصل على تخفيض أقل مما دفع أو أكثر، وقد (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) . رواه مسلم (١٥١٣) ، وهو كل بيع فيه جهالة.

٢-أن هذه المعاملة قائمة على المخاطرة، وتدور بين الغرم والغنم، فيخاطر المشترى بالثمن الذي يدفعه مقابل الحصول على البطاقة، ثم إما أن يكون غانماً إذا حصل على تخفيض أكثر مما يدفع، وإما أن يكون خاسراً، إذا كان التخفيض أقل مما دفع، وهذه حقيقة الميسر الذي حرمته الشريعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون) . المائدة/٩٠.

٣- في هذه البطاقات تغريرٌ بالناس، وخداعٌ لهم، وابتزازٌ لأموالهم؛ فأكثر هذه التخفيضات الموعود بها وهميّة غير حقيقية.

وكثير من أصحاب هذه المحلات يرفعون الأسعار، ثم يوهمون صاحب البطاقة أنهم قد حسموا له من الثمن، وحقيقة الأمر أن الحسم تم على الزيادة التي رفعوها عن سائر المحلات.

٤-أن هذه البطاقات كثيراً ما تكون سبباً للنزاعات والمخاصمات، لأن الجهة التي قامت على إصدار البطاقة لا تستطيع إلزام المراكز والشركات والمؤسسات بنسبة التخفيض المتفق عليها، فيؤدي ذلك إلى نزاعات وخلافات.

وما كان سبباً للخلاف والنزاع والبغضاء فإن الواجب منعه، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) . المائدة/٩١

٥- في هذا النوع من بطاقات التخفيض إضرارٌ بالتجار الذين لم يشاركوا في برنامج التخفيض.

" فتداول البطاقة المذكورة يجر إلى إحداث العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات، المشتركين في التخفيض وغير المشتركين، حيث تَنفُق سلع محلات التخفيض، وتكسد بضائع الذين لم يشتركوا في التخفيض ". "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/١٠) .

٦-ما يدفعه المشترك من رسوم لهذه البطاقات ليس له مقابل حقيقي، ولو أنه طلب من صاحب المحل تخفيض السعر له فقد يحصل على التخفيض الموعود به أصحاب البطاقات أو قريباً منه، وبذلك يكون المال الذي دفعه ثمناً للبطاقة بدون مقابل، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وذلك منهي عنه بنص القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) .

وقد صدر عن المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة قرار بتحريم التعامل بهذه البطاقات، ومما جاء فيه: " بعد الاستماع إلى الأبْحاثِ المقدَّمة في الموضوع والمناقشات المستفيضة قرَّر: عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها، إذا كانت مقابل ثمن مقطوع أو اشتراك سنوي؛ لما فيها من الغرر؛ فإن مشتري البطاقة يدفع مالاً ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك؛ فالغرم فيها متحقق يقابله غنم مُحتمل ".

وكذلك صدرت عن اللجنة الدائمة للإفتاء فتوى بتحريم التعامل بهذا النوع من بطاقات التخفيض، وبه أفتى كل من الشيخين: ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.

ينظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/٦) ، "فتاوى ابن باز" (١٩/٥٨) .

وأما البطاقات المجانيّة التي تقدم للمشتري من غير مقابل، فلا حرج في استعمالها والاستفادة منها، لأن منح البطاقة مجاناً يجعلها من عقود التبرعات، والغرر [الجهالة] في عقود التبرعات معفو عنه.

والحاصل على البطاقة المجانية إن لم يستفد منها في التخفيض لم يخسر شيئاً.

وبذلك صدر قرار المجمع الفقهي الذي جاء فيه: " إذا كانت بطاقات التخفيض تصدر بالمجان من غير مقابل، فإن إصدارها وقبولها جائز شرعاً؛ لأنه من باب الوعد بالتبرع أو الهبة ".

وللاستزادة ينظر:

"بطاقة التخفيض حقيقتها التجارية وأحكامها الشرعية" للشيخ بكر أبو زيد.

"الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي" للدكتور خالد المصلح.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>