للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ترجمة موجزة للحافظ ابن كثير

[السُّؤَالُ]

ـ[من هو ابن كثير؟ عرفت أن ابن كثير كان شافعيًا فلماذا؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الكلام في ترجمة الحافظ ابن كثير ضمن الفقرات الآتية:

أولا: اسمه ونسبه ومولده.

هو الحافظ المؤرخ المفسر عماد الدين أبو الفداء: إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء القرشي البصروي، ثم الدمشقي.

ولد بمجدل من أعمال دمشق سنة (٧٠١هـ) ، ثم انتقل إلى دمشق مع أخيه كمال الدين سنة (٧٠٧هـ) بعد موت أبيه.

ثانيا: طلبه للعلم.

حفظ القرآن الكريم وختم حفظه في سنة (٧١١هـ) ، وقرأ القراءات وبرع في التفسير، وحفظ متن " التنبيه " في الفقه الشافعي سنة (٧١٨هـ) ، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري، وكمال الدين ابن قاضي شهبة.

ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي، فتزوج ابنته زينب، ولازمه، وأخذ عنه، وأقبل على علم الحديث فتخرج عليه فيه، وصحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وكانت له به خصوصية، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، وامتحن بسبب ذلك وأوذي.

وقرأ الأصول على الأصفهاني وسمع علي أبي نصر ابن الشيرازي، وأبي القاسم بن عساكر، وآخرين كثيرين جدا.

وأقبل على حفظ المتون، ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتاريخ، حتى برع في ذلك وهو شاب، وأفتى ودرس وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو، وأمعن النظر في الرجال والعلل.

ثالثا: مكانته العلمية.

ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر، منها: دار الحديث الأشرفية، والمدرسة الصالحية، والمدرسة النجيبية، والمدرسة التنكزية، والمدرسة النورية الكبرى.

رابعا: ثناء العلماء عليه وذكر بعض مصنفاته.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمته:

" إسماعيل بن عمر بن كثير: الإمام، الفقيه، المحدث الأوحد، البارع، عماد الدين البصروي الشافعي، فقيه متقن، ومحدث متقن، ومفسر نقال، وله تصانيف مفيدة، يدري الفقه، ويفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والتفسير والرجال وأحوالهم، سمع مني، وله حفظ ومعرفة " انتهى.

"معجم المحدثين" (١/٥٦) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي، الشيخ عماد الدين.

ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير، ومات أبوه سنة (٧٠٣) ، ونشأ هو بدمشق، وسمع من ابن الشحنة، وابن الزراد، وإسحاق الآمدي، وابن عساكر، والمزي، وابن الرضى، وطائفة.

وأجاز له من مصر الدبوسي، والواني، والختني، وغيرهم.

واشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله، فجمع التفسير، وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يكمل، وجمع التاريخ الذي سماه البداية والنهاية، وعمل طبقات الشافعية، وخرج أحاديث أدلة التنبيه، وأحاديث مختصر ابن الحاجب الأصلي، وشرع في شرح البخاري ولازم المزي، وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته، وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه، وامتحن لسببه، وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدثي الفقهاء، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح، وله فيه فوائد " انتهى.

"الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" (١/٤٤٥-٤٤٦) .

خامسا: مذهبه.

تفقه الإمام ابن كثير على فقهاء الشافعية في زمانه، فحفظ كتبهم، ودرس علومهم، بل وكتب الكتب المختصة بهم، فقد كان مذهب الشافعية هو المذهب المنتشر في بلاد الشام ومصر.

يقول الإمام السبكي رحمه الله:

" وهذان الإقليمان – يعني الشام ومصر - وما معهما من عيذاب - وهي منتهى الصعيد إلى العراق - مركز ملك الشافعية منذ ظهر مذهب الشافعي، اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد، لا يكون القضاء والخطابة في غيرهم، ومنذ انتشر مذهبه لم يول أحد قضاء الديار المصرية إلا على مذهبه، إلا ما كان من القاضي بكار، ولم يول في الشام قاض إلا على مذهبه، إلا البلاساغوني، وجرى له ما جرى، فإنه ولي دمشق وأساء السيرة، ثم أراد أن يعمل في جامع بني أمية إماما حنفيا، وجامع بني أمية منذ ظهور مذهب الشافعي لم يؤم فيه إلا شافعي، ولا صعد منبره غير شافعي، فأراد هذا القاضي إحداث إمام حنفي.

قال ابن عساكر: فأغلق أهل دمشق الجامع، ولم يمكنوه، ثم عزل القاضي، واستمرت دمشق على عادتها لا يليها إلا شافعي إلى زمن الظاهر بيبرس التركي، ضم إلى الشافعي القضاة من المذاهب الثلاثة.

قال الأستاذ أبو منصور البغدادي: وقبل ظهور مذهب الشافعي في دمشق لم يكن يلي القضاء بها والخطابة والإمامة إلا أوزاعي، على رأي الإمام الأوزاعي " انتهى.

"طبقات الشافعية الكبرى" (١/٣٢٦) .

فليس من المستغرب أن يكون ابن كثير شافعي المذهب.

ولا يلزم مما سبق خلو بلاد الشام من المذاهب الأخرى، فقد كان للحنابلة – مثلا - حضور ظاهر في الشام، يتمثل حضورهم بعبد الغني المقدسي وعائلته ومن جاء بعدهم، وبآل تيمية أيضا، وبغيرهم من علماء المذاهب الأخرى.

سادسا: وفاته.

توفي في شعبان سنة (٧٧٤هـ) ، وكان قد أضر في أواخر عمر.

انظر ترجمة موسعة له في مقدمة تحقيق "البداية والنهاية" بإشراف د. عبد الله التركي (١/١٣-٣٣) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>