للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجته لا ترغب في كثرة الجماع فيلجأ للاستمناء

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا رجل شديد الشهوة , وأرغب في الجماع يومياً، وإذا أردت مجامعة زوجتي تمتنع غالباً بحجج واهية، كأن تقول بأنها متعبه أو أنها تتكاسل من الاغتسال أو تريد أن نؤجله لليوم التالي , فلا يحصل جماع إلا مرتين في الأسبوع تقريباً , وأنا لا أستطيع أن أصبر مما يجعلني أستمني بيدي خوفاً من الوقوع في الزنا، مع علمي بأنه محرم حيث إنني أستمني ثلاث مرات تقريباً في الأسبوع , وزوجتي بجانبي، وهي تعلم ذلك، علماً بأن زوجتي تهتم كثيراً بأمور الزينة والتجمل والتطيب، إلا أن عيبها التذمر من كثرة الجماع. هل عليّ إثم في الاستمناء بيدي؟ وإذا كنت آثماً، فهل يلحق زوجتي إثم باستمنائي بيدي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف، لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/١٩، ومن المعاشرة بالمعروف: الجماع، وهو واجب عليه، بقدر كفايتها، ما لم ينهك بدنه، أو يشغله عن معيشته.

ويجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش، فإن أبت فهي عاصية؛ لما روى البخاري (٣٢٣٧) ومسلم (١٤٣٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها.... فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة ... ، كما قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) "

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٣ /١٤٥،١٤٦) .

لكن لا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع، فإذا كانت معذورة لمرض، أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع.

قال ابن حزم رحمه الله: " وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا، أو مريضة تتأذى بالجماع، أو صائمة فرض، فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة " انتهى من "المحلى" (١٠/٤٠) .

وقال البهوتي رحمه الله: " وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت ... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع بها إذن؛ لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف، وحيث لم يشغلها عن ذلك، ولم يضرها، فله الاستمتاع " انتهى من "كشاف القناع" (٥/١٨٩) .

وللزوجة التي يضرها زوجها بكثرة الجماع أن تصطلح مع زوجها على عدد معين تتحمله، فإن زاد حتى ضرها ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي، فيحكم القاضي بعدد معين يلزم الزوج والزوجة به.

ثانيا:

الاستمناء محرم، لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (٣٢٩)

ولا حرج على الرجل لو استمنى بيد زوجته، لأنه يباح له الاستمتاع بها، وكذا لو أنزل بالوطء خارج الفرج، لعموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون/٥، ٦، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٨٢٦) .

والزوجة إن كان يضرها الوطء، فإنه لا يضرها استمتاع زوجها بغيره، ويلزمها أن تمكنه من هذا الاستمتاع.

وينبغي أن يعالج الزوجان هذه المسألة في جو من الألفة والمودة والصراحة، وأن يعرف كل منهما ما له من الحقوق، وما عليه من الواجبات. والمشاكل الزوجية عادة ما تنشأ من الجهل بذلك.

وبعض الأزواج يحرص على قضاء شهوته، ويتعجل في ذلك، غير مبال بزوجته، ولا مراع لحقها في الاستمتاع، فتفقد المتعة بهذا اللقاء، وتنفر منه، ويصير همّا لها، وعبئا عليها.

ولهذا نقول: احرص على إيجاد المودة والمحبة بينك وبين زوجتك، وراع حالها، وتفهم مشاعرها، وتجنب ما يضرها ويؤذيها، وأبلغها الحكم الشرعي فيما يتعلق بهذه المسألة، وأعنها عليه، ولا تنفرها منه، والقصدَ القصدَ تبلغوا.

وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>