للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يصلِّي المسلم ويصوم لأجل الدعاء؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للشخص أن يذهب للحرم للصلاة لكي يدعو الله أن يحقق له شيئاً معيناً يريده، كأن يدعو الله أن يشفي مريضه أو أن يرزقه الله أولاداً؟

وهل يجوز له أن يصوم بعض الأيام لنفس الغرض؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا مانع أن يذهب المسلم لأداء الصلاة في المسجد الحرام من أجل الدعاء، ولكن الأفضل أن لا يقتصر قصده على الصلاة من أجل الدعاء، بل يكون قصده التعبد لله تعالى بهذه الصلاة، ورجاء ثواب الآخرة، ثم الصلاة مشتملة على الذكر وقراءة قرآن والركوع والسجود والدعاء فيكون الدعاء وتابعاً للصلاة وليس هو المقصود الأعظم؛ والمسجد الحرام من الأماكن المباركة المعظمة، فإذا صلَّى ودعا الله تعالى في سجوده – مثلاً - فيكون قد جمع بين فضل المكان وفضل الهيئة، فإذا كان هذا في الثلث الأخير من الليل فيكون أضاف إليه شرف الزمان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم " أما الركوع فعظِّموا فيه الربَّ، وأمَّا السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ (أي: حقيق وجدير) أنْ يستجاب لكم " – رواه مسلم (٤٧٩) من حديث ابن عباس -: ففيه الأمر في الركوع بالتعظيم، وأمره بالدعاء في السجود بيانٌ منه أنَّ الدعاء في السجود أحق بالإجابة من الركوع، ولهذا قال: " فقمِنٌ أنْ يُستجاب لكم " كما قال: " أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجدٌ " – رواه مسلم (٤٨٢) من حديث أبي هريرة - فهو أمرٌ بأنْ يكون الدعاء في السجود.

" مجموع الفتاوى " (٢٢ / ٣٧٨) .

وقال – رحمه الله -:

والدعاء مستجاب عند نزول المطر، وعند التحام الحرب، وعند الأذان والإقامة، وفي أدبار الصلوات، وفي حال السجود، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم، وأمثال ذلك، فهذا كله مما جاءت به الأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن، والدعاء بالمشاعر كعرفة ومزدلفة ومنى والملتزم ونحو ذلك من مشاعر مكة، والدعاء بالمساجد مطلقاً، وكلما فضل المسجد كالمساجد الثلاثة: كانت الصلاة والدعاء فيه أفضل.

" مجموع الفتاوى " (٢٧ / ١٢٩ – ١٣٠) .

ومن باب آخر يقال:

التوسل بالأعمال الصالحة مشروع، ولذا يمكن جعل الوضوء والصلاة في المسجد الحرام من الأعمال الصالحة التي يتوسل بها بين يدي الدعاء.

عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني فقال: إن شئتَ أخرت لك وهو خير وإن شئتَ دعوت، فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم شفعه في ".

رواه الترمذي (٣٥٧٨) وابن ماجه (١٣٨٥) – واللفظ له -.

والحديث: صححه الترمذي والألباني في " صحيح الجامع " (١٢٧٩) .

فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يدعو، فدل ذلك على أن الصلاة من الأعمال الصالحة التي يتوسل بها إلى الله بين يدي الدعاء، ويكون ذلك من أسباب إجابة الدعاء.

وأما الصيام: فما قيل في الصلاة يقال في الصيام، فينبغي أن يكون قصده التعبد لله تعالى بهذه العبادة العظيمة، وتحصيل الثواب الأخروي والوصول إلى تقوى الله ومرضاته، ثم إذا صام فإن الصائم يستحب له الإكثار من الدعاء فإن دعوة الصائم مستجابة لاسيما عند فطره.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>