طاف للوداع ثم بات بمكة وصلى الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أدى فريضة الحج قبل سنوات وذهب إلى مكة وطاف طواف الوداع ثم بات فيها وصلى الجمعة من الغد وغادر إلى أهله ... هل عليه شيء والحالة هذه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
طواف الوداع واجب على من أراد السفر من مكة بعد تمام النسك، لما رواه البخاري (١٧٥٥) ومسلم (١٣٢٨) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ) .
فالواجب أن يكون الطواف آخر عمل يقوم به الإنسان قبل خروجه من مكة، فلو طاف طواف الوداع ثم بقي في مكة بعد طوافه، فطوافه لاغٍ، وعليه أن يأتي ببدله عند سفره. إلا لو أقام الإنسان في مكة بعد طواف الوداع لتحميل العفش أو انتظار رفقة فهذا لا بأس به، أما لو بات في مكة بعد طواف الوادع، فيلزمه الطواف مرة أخرى قبل خروجه، فإن لم يفعل لزمه دم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن رجل يقول إننا لم نتمكن من مغادرة مكة بعد طواف الوداع لأن الطواف كان ليلاً ومعنا أطفال وغادرنا مكة في اليوم التالي؟
فأجاب: " الواجب على من أراد السفر من مكة بعد حجه أو عمرته أن يجعل الطواف آخر عهده لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف) ، ولكن لو فرض أن الرجل طاف للوداع بناء على أنه مغادر، ولكنه اشتغل بشيء يتعلق بالسيارة بإصلاحها مثلاً أو انتظار رفقة أو ما أشبه ذلك، فلا تجب عليه إعادة الطواف. وكذلك قال العلماء لو اشترى حاجة في طريقه لا لقصد التجارة، فإنه لا تجب عليه إعادة الطواف.
ولكن إذا قرر الإنسان بعد أن طاف طواف الوداع البقاء في مكة من الليل إلى النهار، أو من النهار إلى الليل، فإن عليه أن يعيد طواف الوداع من أجل أن يكون آخر عهده بالبيت " انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".
وسئل أيضا رحمه الله: " نسمع من أغلب الناس يقولون من طاف طواف الوداع لم يبت في حدود مكة نهائياً، وإن نام تلك الليلة في مكة لزمه طواف مرة أخرى بالبيت؛ فهل هذا صحيح أم لا؟ لأننا أحياناً نحرج في ذلك حيث نأتي متعبين ولم نستطع الخروج قبل أن نأخذ الراحة في مكة وأن الطواف مرة أخرى يصعب علينا لوجود الزحام المتواجد من الحجاج وشكراً لكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: طواف الوداع يجب أن يكون آخر أمور الإنسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) ولأبي داود (حتى يكون أخر عهده الطواف بالبيت) وعلى هذا فَأعِدَّ نفسك بأنك لا تخرج أو لا تطوف للوداع حتى تنتهي من جميع أمورك، ثم تخرج مباشرة.
لكن يُسمح للإنسان بعد طواف الوداع أن يصلي الصلاة، إذا كانت قد دخل وقتها، وأن يشتري حاجة في طريقه وهو ماشي، وأما كونه يبقى بمكة فإنه إن بقي يجب عليه إعادة طواف الوداع.
وعلى هذا فلا حرج عليكم أن تخرجوا من حدود مكة المكرمة ثم تبيتون في الطريق وتستريحون ثم تستأنفون السير " انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".
ثانياً:
تبين مما سبق أن الشخص المسئول عنه يلزمه دم، وهو شاة تذبح في مكة وتوزع على فقرائها، فإذا لم يستطع لعجزه صام عشرة أيام، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا شيء عليه حينئذ، لأنه لم يرد في ترك الواجب غير الدم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد تفصيل في حكم من ترك واجباً:
" وحينئذ نقول لمن ترك واجباً: اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء بنفسك أو وكِّل من تثق به من الوكلاء، فإن كنت غير قادر: فتوبتك تجزئ عن الصيام وهذا هو الذي نراه في المسألة " انتهى من "الشرح الممتع (٧/٤٤١) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب