للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يسجد للسهو عن كل سرحان

[السُّؤَالُ]

ـ[هل للعبد أن يسجد سجود السهو في كل صلاة، بحجة أنه قد أصابه قليل من السرحان؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سبق بيان الأسباب التي يشرع لها سجود السهو في الصلاة، وأنها إما أن تكون زيادة في الصلاة، أو نقصا، أو شكا في صلاته؛ بحيث لم يدر كم صلى. [١٢٥٢٧] .

وما ذكر في السؤال من السجود للسهو لأجل ما أصاب المصلي من السرحان [يعني: الذهول في الصلاة وشرود الذهن] فهذا ليس من الأسباب التي يشرع لها سجود السهو. قال الشيخ البهوتي رحمه الله:

(يشرع [يعني: السجود] للسهو بوجود شيء من أسبابه، وهي زيادة، ونقص، وشك ... سوى صلاة جنازة ... ، وسوى حديث نفس، لعدم إمكان الاحتراز منه، وهو معفو عنه.) [كشاف القناع ٢/ ٤٦٥]

وقد سئلت اللجنة الدائمة: عندما أكبر تكبيرة الإحرام، وأشرع في قراءة الفاتحة دائما ما أسهو ويسرح بالي خارج المسجد حتى انتهائي من الصلاة..

فأجابت:

(صلاتك صحيحة إذا كنت قد أديت فرائض الصلاة وواجباتها، ونصيحتنا إليك أن تدافع الشيطان عن نفسك ما استطعت، وبكل قوة، حتى تذهب عنك هذه الوساوس، وتبطل كيد الشيطان.

ومما يساعدك على ذلك اللجأ إلى الله والاستعاذة به من الشيطان في أول القراءة وفي نفسك دائما، وتدبر معاني القرآن تدبرا يرشدك إلى عظمة الله، والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، وأن تتذكر أنك بين يدي الله، وأنك تناجيه في صلاتك، وأن من الواجب عليك الأدب معه، وحضور القلب في مناجاته ودعائه، مع رجاء أن يدفع الله عنك الهواجس ويسلمك من كيد الشيطان، عسى الله أن يوفقك للإقبال عليه والإعراض عن الشيطان.) [فتاوى اللجنة: ٧/١٥٦] وانظر أيضا: [٧/٣٦] .

وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن امرأة كثيرة التفكير وشرود الذهن في الصلاة، فهل تعيد صلاتها؟

فقال رحمه الله:

(الوساوس من الشيطان، والواجب عليك العناية بصلاتك والإقبال عليها والطمأنينة فيها، حتى تؤديها على بصيرة. وقد قال الله سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا لا يتم صلاته ولا يطمئن فيها أمره بالإعادة وقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) متفق عليه.

وإذا تذكرت أنك في الصلاة قائمة بين يدي الله تناجينه سبحانه، فإن ذلك يدعو إلى خشوعك في الصلاة وإقبالك عليها وبعد الشيطان عنك وسلامتك من وساوسه.

وإذا كثر عليك الوسواس في الصلاة فانفثي عن يسارك ثلاث مرات، وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، فإنه يزول عنك إن شاء الله.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذلك لما قال له: (يا رسول الله إن الشيطان لبس علي صلاتي) [انظر: صحيح مسلم ٢٢٠٣] .

وليس عليك أن تعيدي الصلاة بسبب الوسواس؛ بل عليك أن تسجدي للسهو إذا فعلت ما يوجب ذلك، مثل ترك التشهد الأول سهوا، ومثل ترك التسبيح في الركوع والسجود سهوا.

وإذا شككت هل صليت ثلاثا أو أربعا في الظهر مثلا، فاجعليها ثلاثا وكملي الصلاة، واسجدي للسهو سجدتين قبل السلام.

وإذا شككت في المغرب هل صليت اثنتين أم ثلاثا فاجعليها اثنتين وكملي الصلاة، ثم اسجدي للسهو سجدتين قبل السلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، والله ولي التوفيق.) [فتاوى الشيخ ١١/٢٦٠]

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا غلبت الهواجس على المصلي فما حكم صلاته؟ وما طريق الخلاص منه؟

فأجاب: (الحكم في هذه الحالة أن الإنسان إذا غلب على صلاته الهواجس في أمور الدنيا، أو في أمور الدين، كمن كان طالب علم وصار ينشغل إذا دخل في الصلاة بالتدبر في مسائل العلم، إذا غلب هذا على أكثر الصلاة، فإن أكثر أهل العلم يرون أن الصلاة صحيحة، وأنها لا تبطل بهذه الوساوس، لكنها ناقصة جداً، فقد ينصرف الإنسان من صلاته، ولم يكتب له إلا نصفها، أو ربعها، أو عشرها أو أقل [كما في صحيح المسند ١٨٤٠٠ وأبي داود ٧٩٦]

أما ذمته فتبرأ بذلك ولو كثر، لكن ينبغي للإنسان أن يكون حاضر القلب في صلاته؛ لأن ذلك هو الخشوع، والخشوع هو لب الصلاة وروحها.

ودواء ذلك أن يفعل الإنسان ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك أذهبه الله.

وإذا كان مأموماً في الصف، فإن التفل لا يمكنه، لأن الناس عن يساره، ولكن يقتصر على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك وكرره أذهب الله ذلك عنه. والله الموفق.

[فتاوى الشيخ ١٤/٨٨] .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>