للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستحب الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة بكلام أو انتقال

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا صليت الفرض ثم أردت أن أتنفل فهل يستحب تغير مكان صلاة النافلة لأجل أن يشهد لي أكثر من مكان بالأرض؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، يستحب أن تفصل بين الفريضة والنافلة بكلام أو انتقال إلى مكان آخر.

وأفضل الفصل: الانتقال لصلاتها في البيت، لأن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل الفصل المذكور ما رواه مسلم في صحيحه (١٤٦٣) عن معاوية رضي الله عنه قال: (إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ) .

قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: " فيه دليل لما قاله أصحابنا - يعني فقهاء الشافعية - أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى البيت، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة. وقوله (حتى نتكلم) دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضا، ولكن بالانتقال أفضل لما ذكرناه. والله أعلم" انتهى.

وروى أبو داود (٨٥٤) وابن ماجه (١٤١٧) ـ واللفظ له ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إِذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، يَعْنِي: السُّبْحَةَ) أي: صلاة النافلة بعد الفريضة. وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: رحمه الله في "الفتاوى الكبرى" (٢/٣٥٩) " والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة وغيرها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام، فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس يصل السلام بركعتي السنة، فإن هذا ركوب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهي عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها، وهكذا تتمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها" انتهى.

فعلة الفصل بين الفريضة والنافلة: تمييز إحداهما عن الأخرى، وذكر بعض العلماء علة أخرى لذلك وهي: تكثير مواضع السجود لأجل أن تشهد له يوم القيامة، كما سبق في كلام النووي رحمه الله.

وقال الرملي في "نهاية المحتاج" (١/٥٥٢) : " ويسن أن ينتقل للنفل أو الفرض من موضع فرضه أو نفله إلى غيره تكثيراً لمواضع السجود، فإنها تشهد له، ولما فيه من إحياء البقاع بالعبادة، فإن لم ينتقل إلى موضع آخر فصل بكلام إنسان " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>