للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بطلان ما يزعمون عن الكوكب العاشر

[السُّؤَالُ]

ـ[ما رأيكم فيما يسمي الكوكب العاشر أو كوكب العذاب كما يسمي وأنه متوقع اقترابه يوم ١٥/٥/٢٠٠٣ وأنه سيسبب دمار الأخضر واليابس. هناك من يؤكد صحة هذا الأمر وأنه ما ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الطارق.

أفيدونا يرحمكم الله حيث أن من يؤيد ذلك يدعون الناس لترك منازلهم والهجرة لأماكن أخرى إن أرادوا النجاة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سئل الشيخ حامد العلي في موقعه على الإنترنت عن هذا الموضوع فقال: " يجب على المسلم أن يتقين ثلاثة أمور عندما يسمع مثل هذه الأخبار:

الأمر الأول: هو أن نهاية الحياة في الأرض لن تكون بحال من الأحوال إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك أن نهاية التاريخ لن تحصل قبل ظهور علامات الساعة الصغرى والكبرى كلها، ومن ذلك أن يتصارع أهل الحق وهم أهل الإسلام مع أهل الشر والباطل، وهم كل الذين يعادون دين الحق دين الإسلام، ويسعون لإطفاء نوره وأن ثمة محطتين بارزتين في هذا الصراع ستقع قبل نهاية الحياة، الأولي صراع أهل الإسلام مع أهل الصليب كما صح في الأحاديث التي ذكرت ملاحم آخر الزمان.

والمحطة الثانية هي صراع أهل الإسلام في وقت نزول عيسى عليه السلام مع الدجال وأتباعه من اليهود، ثم يخرج يأجوج ومأجوج، ويموتون موتة رجل واحد.

ثم يحكم أهل الإسلام الأرض، ثم يموت كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بريح باردة تقبض أرواح المؤمنين، ثم لا تلبث الساعة بعد ذلك أن تقوم وشيكا على شرار الخلق متفرقين على كوكب الأرض، لأن الكون لا يخرب وعلى الأرض مؤمن، فإن انعدم الإيمان خربت، إذ الإيمان بالله سبب بقاء الحياة.

والحاصل أنه لا يجوز أن يعتقد المسلم أن نهاية الحياة ستكون بخلاف ما ذكر في النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثاني: هو أنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الكواكب تهب النفع، أو تدفع الضر، أو يحصل بها الرزق أو هي التي تهب السعادة، وتأتي بالشقاء، وتوجه حياة البشر ونحو ذلك، فهذه عقيدة شركية كان يعتقدها أهل الجاهلية وصح في الأحاديث أن من اعتقدها كفر، وبهذا يعلم أن ما يزعمه كهان الأبراج كله كذب وكفر وشرك بالله تعالى.

فالكواكب ليست سوى أجرام مسخرة تسير بقدرة الله تعالى، وتؤدي دورها في الكون، وهذا لا يمنع أن يكون سيرها وفق نواميس أقام الله تعالى الكون عليها، ويحصل بها تأثر فيما بينها، ويترتب علي هذا التأثر، حصول الكوارث والمصائب والزلازل، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أنه بسبب كون الكسوف يؤثر على الأرض قال صلى الله عليه وسلم (آية يخوف الله بها عباده) ا. هـ بمعنى أنها تدل على قرب حدوث أمر مقدر من الله تعالى فيه تخويف وتذكير من الله تعالى، تذكير بقدرته البالغة، وتذكير بنهاية الحياة، وتذكير للإنسان أن لا يطغى وأن يتذكر دائما أنه على أرض الله التي لو شاء لزلزلها من تحت رجليه، فلا يستطيع صرفا ولا نصرا.

ولهذا عادة ما تحدث الزلازل بعد الكسوفات، وكذلك الأعصاير المدمرة، نعوذ بالله من غضبه، كما ذكر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من القمر لأن له تأثيرا وإلا لما استعاذ منه، وإنما تأثيره من جنس تأثير المؤثرات الحسية التي خلقها الله وخلق تأثيراتها.

ومادام المسلم يعتقد أن ذلك يحصل كله بتقدير الله تعالى، وأنها آيات يخوف الله بها عباده، فلا ضير، لكن يجب أن تكون معرفة علاقة سير الكواكب، والشمس، بحركة سير الأرض، وطبقات الأرض، وحركة الرياح فيها، مبينا على أسس علمية، كما تكتشف علاقات قوانين الطبيعة مع بعضها، والإسلام لم يحرم بل أمر باكتشاف قوانين الكون التي خلقها الله تعالى لتسييره.

الأمر الثالث: هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان، على كلام علماء الطبيعة والفلك، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا أو توقعات لا تلبث حتى يعلم خطؤها، فلا يصح أن يجزم أحد من الناس بقوله: إن زوال أمريكا، أو خروج المهدي، أو تغيير النظام العالمي، أو موازين القوى في العالم، سيحدث بمرور كوكب يحدث تأثيرات كارثية على الأرض، في هذا العام، أو غيره.

ومن جزم بهذا فهو متخرص، قائل بغير علم، متهجم على الغيب بغير حق، فأما إن كان الكلام في دائرة ذكر الإمكان، وما يمكن أن يقع، فما هو ممكن الوقوع كثير، ولكن لا يعلم ما سيقع، ومتى يقع إلا الله تعالى وحده.

هذا وقد أمرنا أن نجاهد أعداءها بما أوتينا من قوة، وأن نسعى أن نتفوق عليهم، أو أن نساويهم، أو نقاربهم، فيما يملكون من أسباب القوة المادية والمعنوية، ولا نتكل على حصول الكوارث على أعداءنا.

وقد علمنا من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، أن نواجه الأعداء بتوكلنا على الله أولا، ثم بما آتانا الله من إيمان عميق بعقيدتنا، وعزيمة أكيدة على حقنا، وصبر هائل على طريقنا، وإصرار بغير حدود على رسالتنا، وجهاد دؤوب يستمر عبر الأجيال حتى نصل إلى أهدافنا، وهدفنا الأعلى وهو قيادة البشرية إلى الهدى والنور، لتستمتع الشرية برسالة الرحمة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وذلك كما فعل صلى الله عليه وسلم في حياته، ولنا فيه الأسوة الحسنة.

وبعد هذا نقول إن كل ما ذكره هذا المتكلم عن كوكب (نيبيرو) لا قيمة له حتى يثبت بأسس علمية صحيحة، إن هذا الكوكب سيحصل بمروره قرب الأرض تأثيرات كارثية، ثم إذا ثبت ذلك، فالواجب علينا أن نتمسك بالثوابت الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل، ثم اللجوء إلى الله تعالى، والتوجه إليه بالدعاء أن يجنبنا البلاء، وإذا وقع أن يرفعه عنا، ويجعل عاقبته خيرا لنا ولأهل الإسلام

مع أن غالب الظن أن هذا الكلام على الكوكب المذكور، كله تخرص، لا أساس له من الصحة، أو هو مبالغ فيه، والاهتمام به، ليس من الحكمة في شيء.

والله أعلم " ا. هـ

وقد مر التاريخ الذي ذكره السائل في سؤاله، ولم يحدث شيء، مما يؤكد أن هذا الكلام من باب الخرص والقول بلا علم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>