ـ[ما حكم قول: الله لا يضرك؟ هل هو من المناهي اللفظية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قول الإنسان: الله لا يضرك، لا حرج فيه؛ لأن الله تعالى هو النافع الضار سبحانه، كما قال تعالى:(قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر/٣٨، وقال تعالى:(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأنعام/١٧، وقال تعالى:(أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ) يس/٢٣.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذه العبارة:"أعطني الله لا يهينك".
فأجاب:"هذه العبارة صحيحة، والله سبحانه وتعالى قد يهين العبد ويذله، وقد قال الله تعالى في عذاب الكفار:(فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُون) الأحقاف/٢٠، فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق. وقال تعالى:(وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) الحج/١٨، والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهوان لك فيقول: "الله لا يهينك" انتهى من "مجموع الفتاوى" (٣/٧٧) .
ولو دعا بقوله: الله يسلمك أو يحفظك أو يعافيك، لكان أولى وأحسن، لما فيه من كمال التأدب مع الله تعالى، وعدم نسبة الشر إليه، كما قال إبراهيم عليه السلام:(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء/٧٨-٨٠، فنسب المرض إلى نفسه ولم ينسبه إلى الله كما فعل في الخلق والإطعام، وإن كان لا يقع شيء إلا بمشيئته وإرادته سبحانه.
وقال صلى الله عليه وسلم تأدبا مع ربه:(لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ) رواه مسلم (٧٧١) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره: فِيهِ الْإِرْشَاد إِلَى الْأَدَب فِي الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَمَدْحه بِأَنْ يُضَاف إِلَيْهِ مَحَاسِن الْأُمُور دُون مَسَاوِيهَا عَلَى جِهَة الْأَدَب " انتهى.