حكم من زنى بغير مسلمة وهو غير محصن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزنا بغير المسلمة وهو غير محصن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، وجريمة من أقبح الجرائم، قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) الإسراء / ٣٢. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًاءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) الفرقان/٦٨، ٦٩.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الزنا بمسلمة أو غير مسلمة.
ثانياً:
أما عقوبة الزنا في الدنيا فقد أوجب الله فيه الحد، قال الله تعالى في بيان حد الزاني البكر – أي: الغير محصن -: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور/٢.
أما المحصن ـ وهو الذي قد سبق له الزواج ـ فجعل حده الرجم بالحجارة حتى الموت، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (٣١٩٩) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) .
ولا فرق في هذا أيضا بين من زنى بمسلمة أو زنى بكافرة.
وهذه الجريمة لا يقتصر خطرها على عقاب الدنيا العاجلة فقط، بل إن عذاب الآخرة أشد وأعظم، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري (٧٠٤٧) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني فانطلقا بي قال: فانطلقنا حتى إذا أتينا على مثل التنور، فإذا فيه لغَط وأصوات، قال: فاطّلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم اللهب ضَوضَوْا [أي: صاحوا] ، قال قلت لهما: ما هؤلاء؟ فقالا لي: وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني..)
(والتنور: هو الفرن الذي يخبز فيه) .
فالواجب على من وقع في هذه المعصية الكبيرة أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن يبتعد عن كلّ ما يؤدي به إلى الحرام والعودة إليه، والله تعالى يفرح بتوبة العاصين ويقبل منهم، قال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/٥٣.
قال ابن كثير رحمه الله: "هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت، وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر" انتهى من "تفسير ابن كثير" (٧/١٠٦) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب