ـ[ما حكم إطالة الثوب إن كان للخيلاء أو لغير الخيلاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"حكمه التحريم في حق الرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري في صحيحه، وروى مسلم في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ، وهذان الحديثان وما في معناهما يعمان من أسبل ثيابه تكبراً أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عمَّم وأطلق ولم يقيد، وإذا كان الإسبال من أجل الخيلاء صار الإثم أكبر والوعيد أشد لقوله صلى الله عليه وسلم:(ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ، ولا يجوز أن يظن أن المنع من الإسبال مقيد بقصد الخيلاء؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقيد ذلك في الحديثين المذكورين آنفا، كما أنه لم يقيد ذلك في الحديث الآخر وهو قوله لبعض أصحابه:(وإياك والإسبال فإنه من المخيلة) ، فجعل الإسبال كله من المخيلة؛ لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومن لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات؛ ولأن ذلك إسراف وتعريض ملابسه للنجاسة والوسخ، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى شابا يمس ثوبه الأرض قال له: ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز"(٦/٤٨٣) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولا يكلمه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذَّب ما نزل من الكعبين بالنار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ، وقال صلى الله عليه وسلم:(من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.
وأما من لم يقصد الخيلاء: ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) ، ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله؛ لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال -: لا جناح عليه فما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه ذكره في كتاب " الترغيب والترهيب " في الترغيب في القميص (ص ٨٨ ج ٣) .
ولأن العملين مختلفان، والعقوبتين مختلفتان، ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد، لما يلزم على ذلك من التناقض" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين "(١٢ / السؤال رقم ٢٢٣) .