هل يعطي للموظف مالاً لينهي معاملته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في شركة خاصة، وعملي هو تدوير المعاملات الخاصة بهذه الشركة، الموظفون في بلدنا حين تأتيهم المعاملة يقولون ارجع غداً وبعد غد، ولا يحتاج الأمر لأكثر من توقيعهم، فألجأ لإعطائهم شيئاً من المال ليقوموا بتوقيعها فوراً، وإلا سوف تتأخر كل معاملة أسبوعاً أو أكثر، وهذا يضر بمصالح شركتي التي أعمل فيها، علماً أن معاملاتي كلها ضمن النظام ولا مخالفة فيها، سألت عن ذلك فقيل لي: هذا ليس برشوة؛ لأنك تأخذ ما هو حق لك وتدفع عن نفسك الظلم، ولا تبطل حقّاً ولا تحق باطلاً، فما رأيكم؟ مع العلم أنني سأطرد من الشركة في حال رفضت الدفع لهؤلاء وتعطلت مصالح الشركة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على الموظفين أن يتقوا الله تعالى في وظائفهم، وأن يؤدوها على الوجه المطلوب منهم دون تأخير أو تقصير، ولا يحل لهم قبول الهدايا من المراجعين ومن أصحاب المعاملات، وحرام عليهم تأخير المعاملات وعدم إنجازها إلا مقابل مالٍ يأخذونه، وليعلموا أن هذا المال سحت يأكلونه ويطعمونه أولادهم، وهي الرشوة التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم آخذها.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) . رواه الترمذي (١٣٣٧) وصححه، وأبو داود (٣٥٨٠) وابن ماجه (٢٣١٣) وصححه الألباني في سنن أبو داود.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"لا يحل لأحد موظف في دائرة من دوائر الحكومة أن يقبل الهدية في معاملة تتعلق بهذه الدائرة، ولأننا لو فتحنا هذا الباب وقلنا: يجوز للموظف قبول هذه الهدية لكنا قد فتحنا باب الرشوة، والرشوة خطيرة جدّاً، وهي من كبائر الذنوب، فالواجب على الموظفين إذا أُهدي لهم هدية فيما يتعلق بعملهم أن يردوا هذه الهدية، ولا يحل لهم أن يقبلوها، سواء جاءتهم باسم هدية، أو باسم الصدقة، أو باسم الزكاة، ولا سيما إذا كانوا أغنياء، فإن الزكاة لا تحل لهم كما هو معلوم" انتهى.
" فتاوى ابن عثيمين " (١٨ / ٣٥٩، ٣٦٠) .
وكما يحرم على الموظف قبول الرشوة وأخذها فإنه حرام - كذلك – على دافعها إلا أن يكون مضطراً بسبب حصول تأخير أو تعطيل في معاملته يؤدي إلى خسارة أو ضرر، ويكون الإثم على الآخذ دون الدافع، بشرط أن يكون صاحب المعاملة إنما يتوصل بذلك إلى حقه.
قال ابن الأثير رحمه الله:
"فأمّا ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه [أي في تحريم الرشوة] " انتهى.
" النهاية " (٢ / ٢٢٦) .
وقال الخطابي رحمه الله:
"إذا أَعطى ليتوصل به إلى حقه أو يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في هذا الوعيد " انتهى.
" معالم السنن " (٥ / ٢٠٧) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ويجوز للمُهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه، هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (٣١ / ٢٨٧) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٧٢٢٦٨) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب