للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم إلقاء ورد السلام على النساء

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لي أن أسلم أو أرد السلام على امراة أجنبية عني. يعني من غير المحارم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

أمر الله تعالى بإفشاء السلام، وأوجب الرد على من سلَّم، وجعل السلام من الأمور التي تشيع المحبة بين المؤمنين.

قال الله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) النساء /٨٦.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ) . رواه مسلم (٥٤) .

وفي جواب السؤال رقم (٤٥٩٦) نبذة مطولة عن أهمية السّلام وردّه، فلينظر.

ثانياً:

الأمر بإفشاء السلام عامٌّ يشمل جميع المؤمنين، فيشمل الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة، والرجل مع محارمه من النساء. فكل واحد من هؤلاء مأمور بابتداء السلام، ويجب على الآخر الرد.

إلا أن الرجل مع المرأة الأجنبية عنه لهما حكم خاص في ابتداء السلام ورده نظراً لما قد يترتب على ذلك من الفتنة في بعض الأحيان.

ثالثاً:

لا بأس أن يسلم الرجل من غير مصافحة على المرأة الأجنبية عنه إذا كانت عجوزاً، أما السلام على المرأة الشابة الأجنبية فلا ينبغي إذا لم يؤمن من الفتنة، وهذا هو الذي تدل عليه أقوال العلماء رحمهم الله.

سُئِلَ الإمام مَالِك هَلْ: يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ (وهي العجوز) فَلا أَكْرَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلا أُحِبُّ ذَلِكَ.

وعلَّل الزرقاني في شرحه على الموطأ (٤/٣٥٨) عدم محبة مالك لذلك: بخوف الفتنة بسماع ردها للسلام.

وفي الآداب الشرعية (١/ ٣٧٥) ذكر ابن مفلح أن ابن منصور قال للإمام أحمد: التسليم على النساء؟ قال: إذا كانت عجوزاً فلا بأس به.

وقال صالح (ابن الإمام أحمد) : سألت أبي يُسَلَّمُ على المرأة؟ قال: أما الكبيرة فلا بأس، وأما الشابة فلا تستنطق. يعني لا يطلب منها أن تتكلم برد السلام.

وقال النووي في كتابه "الأذكار" (ص ٤٠٧) :

"قال أصحابنا: والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل، وأما المرأة مع الرجل، فإن كانت المرأة زوجته، أو جاريته، أو محرماً من محارمه فهي معه كالرجل، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام ويجب على الآخر رد السلام عليه. وإن كانت أجنبية، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت لم تستحق جواباً فإن أجابها كره له.

وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها.

وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل. أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة.

روى أبو داود (٥٢٠٤) عن أَسْمَاء ابْنَة يَزِيدَ قالت: مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. صححه الألباني في صحيح أبي داود.

وروى البخاري (٦٢٤٨) عن سَهْلٍ بن سعد قَالَ: كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ (نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ) فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ (أي تطحن) فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا". انتهى كلام النووي.

وقال الحافظ في "الفتح":

عن جواز سلام الرجال على النساء، والنساء على الرجال، قال: الْمُرَاد بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُون عِنْد أَمْن الْفِتْنَة.

ونَقَل عن الْحَلِيمِيّ أنه قال: كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنْ الْفِتْنَة , فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسه بِالسَّلامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلا فَالصَّمْت أَسْلَم.

ونَقَل عَنْ الْمُهَلَّب أنه قال: سَلَام الرِّجَال عَلَى النِّسَاء وَالنِّسَاء عَلَى الرِّجَال جَائِز إِذَا أُمِنَتْ الْفِتْنَة اهـ بتصرف.

والله تعالى أعلم.

انظر كتاب " أحكام العورة والنظر" إعداد / مساعد بن قاسم الفالح.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>