للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مفتون بالقنوات ومواقع الإنترنت الإباحية

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب مفتون مع الأسف بالدشوش ومواقع الانترنت لدرجة أصبحت مقصر جدا في أمور ديني، أرجو منكم المساعدة والدعاء لي بالهداية.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نسأل الله تعالى أن يهديك، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يجعلك من عباده المخلَصين.

وخير ما نوصيك به هو تقوى الله تعالى، والحذر من نقمته وغضبه، وأليم عقابه، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وما يؤمنك أن يطلع الله عليك وأنت على معصيته فيقول: وعزتي وجلالي لا غفرت لك.

وانظر إلى هذه الجوارح التي تسعى بها إلى المعصية، ألا ترى الله قادرا على أن يسلبك نعمتها، وأن يذيقك ألم فقدها؟

ثم انظر إلى ستر الله تعالى لك، وحلمه عليك، وأنت تعلم غيرته على عباده، فما يؤمّنك أن يغضب عليك، فينشكف أمرك، ويطلع الناس على سرك، وتبوء بفضيحة الدنيا قبل الآخرة.

وهل ستجني من النظر المحرم إلا الحسرة، والشقاء، وظلمة القلب؟

وهب أنك شعرت بمتعة أو لذة، يوما أو يومين، أو شهرا أو سنة.. فماذا بعد؟

موت.. ثم قبر.. ثم حساب، فعقاب ... ذهبت اللذات وبقيت الحسرات.

وإذا كنت تستحيي من أن يراك أخوك على هذه المعصية، فكيف تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك؟!

أما علمت أن الله يراك، وأن ملائكته تحصي عليك، وأن جوارحك غدا ستنطق بما كان؟

واعتبر بما أصبح عليه حالك بعد المعصية: هم في القلب، وضيق في الصدر، ووحشة بينك وبين الله.

ذهب الخشوع.. ومات قيام الليل.. وهجرك الصوم ... فقل لي بربك ما قيمة هذه الحياة؟

كل نظرة تنظرها إلى هذه النوافذ الشيطانية، تنكت في قلبك نكتة سوداء، حتى يجتمع السواد فوق السواد، ثم الران الذي يعلو القلب، فيحرمك من لذة الطاعة، ويفقدك حلاوة الإيمان.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) " رواه الترمذي (٣٢٥٧) وابن ماجة (٤٢٣٤) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه ٣٤٢٢.

صقل: أي نُقي وطُهر.

فكن ممن نزع واستغفر وتاب، وأكثر من التضرع لله تعالى أن يُطهر قلبك وأن يُحصن فرجك، وأن يُعيذك من نزغات الشيطان.

واجتنب كل وسيلة تدعوك أو تذكرك بالحرام، إن كنت صادقا راغبا في التوبة.

فبادر بإخراج هذا الدش من بيتك، واقطع صلتك بمواقع السوء في الانترنت، واعلم أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام، أن تقف عند الخاطرة والهم والتفكير، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة، قبل أن تصبح رغبة وهمّا وقصدا ثم فعلا.

قال الغزالي رحمه الله: (الخطوة الأولى في الباطل إن لم تدفع أورثت الرغبة، والرغبة تورث الهم، والهم يورث القصد، والقصد يورث الفعل، والفعل يورث البوار والمقت، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه الأول وهو الخاطر، فإن جميع ما وراءه يتبعه) إحياء علوم الدين ٦/١٧

وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور/٢١

وإن أمكنك الاستغناء التام عن الانترنت فافعل، إلى أن تشعر بثبات قلبك، وقوة إيمانك.

واحرص على الرفقة الصالحة، واحرص على أداء الصلوات في أوقاتها، وأكثر من نوافل العبادة، وتجنب الخلوة والتفكير في الحرام ما أمكن.

والخلاصة في العلاج فتح منافذ الخير، وسد منافذ الشر.

نسأل الله أن يوفقنا وإياك للتوبة الخالصة النصو.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>