ميراث المطلقة الرجعية والبائن وانتقالها إلى عدة الوفاة إذا مات زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة مطلقة طلاقا عرفيا (بدون عقد) وعندما توفي زوجها لم تعتد بحجة أنها مطلقة منه إلا أنها ورثت منه. ما الحكم في ذلك?]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا:
قولك: " هناك امرأة مطلقة طلاقا عرفيا (بدون عقد) " لعلك تعني به أن طلاقها لم يسجل في الأوراق الرسمية، وعدم تسجيل الطلاق لا يؤثر في الحكم، فليس من شرط وقوع الطلاق أن يتم تسجيله.
ثانيا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا رجعيا وانقضت عدتها، ثم مات زوجها فإنه لا تلزمها عدة الوفاة؛ ولا ترث منه؛ لأنها قد بانت من زوجها بانقضاء عدتها.
ثالثا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا رجعيا، ومات زوجها أثناء عدة الطلاق، فإنها ترث منه، وتنتقل إلى عدة الوفاة، فتعتد أربعة أشهر وعشرا من يوم وفاته؛ لأن الرجعية لا تزال زوجة ما دامت في العدة.
رابعا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا بائنا كالطلقة الثالثة، ثم مات زوجها، وهي في العدة أو بعد انقضاء عدتها، فلا ترث ولا تعتد للوفاة، إلا أن يكون الزوج قد طلقها في مرض موته وكان متهما بقصد حرمانها من الميراث كما سيأتي.
هذا حاصل ما قرره أهل العلم في ميراث المطلقة، وفي اعتدادها لوفاة زوجها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٨/٩٤) : " وإذا مات زوج الرجعية , استأنفت عدة الوفاة , أربعة أشهر وعشرا , بلا خلاف. وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه , وينالها ميراثه , فاعتدت للوفاة , كغير المطلقة.
وإن مات مطلق البائن في عدتها , بنت على عدة الطلاق [أي: لا تعتد للوفاة] , إلا أن يطلقها في مرض موته , فإنها تعتد أطول الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثة قروء. نص على هذا أحمد وبه قال الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن , وقال مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر: تبني على عدة الطلاق ; لأنه مات وليست زوجة له , لأنها بائن من النكاح , فلا تكون منكوحة ...
وإن مات المريض المطلّق بعد انقضاء عدتها بالحيض , أو بالشهور , أو بوضع الحمل , أو كان طلاقه قبل الدخول , فليس عليها عدة لموته ...
وأما المطلقة في الصحة إذا كانت بائنا , فمات زوجها , فإنها تبني على عدة الطلاق , ولا تعتد للوفاة. وهذا قول مالك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر " انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (١٠/٢٩١) ، (٢٩/٣٢٥) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل ترث المرأة المطلقة التي توفي زوجها فجأة وكان قد طلقها وهي في فترة العدة أو بعد انقضاء العدة؟
فأجاب: "المرأة المطلقة إذا مات زوجها وهي في العدة فإما أن يكون الطلاق رجعياً أو غير رجعي.
فإذا كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة، وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة. والطلاق الرجعي هو أن تكون المرأة طلقت بعد الدخول بها بغير عوض، وكان الطلاق لأول مرة أو ثاني مرة، فإذا مات زوجها فإنها ترثه؛ لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . وقوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبنية وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) فقد أمر الله سبحانه وتعالى الزوجة المطلقة أن تبقى في بيت زوجها في فترة العدة، وقال: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) يعني به الرجعة.
أما إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقا بائناً مثل أن يكون الطلقة الثالثة، أو أعطت الزوج عوضا ليطلقها، أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.
ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقا بائنا مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً بقصد حرمانها، فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا إرث لها " انتهى من "فتاوى إسلامية" (٣/٥٣) .
وبهذا بالتفصيل الذي ذكرناه يعلم الجواب.
وفي حال أخذها ميراثا لا تستحقه فإنه يلزمها رده إلى الورثة، ولا يحل لها التمسك به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب