أخذ الشفيع مالا في مقابل شفاعته بجاهه
[السُّؤَالُ]
ـ[فرص العمل في بلدنا ليست متاحة إلا إذا وجد شخص يساعدك لإيجاد ذلك العمل، ولكن مقابل مبلغ مادي فهل هذا حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في توسيط شفيع يساعدك على إيجاد وظيفة مباحة، ما لم يترتب على وساطته حرمان من هو أولى وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية والقدرة، أو من جهة الأسبقية في التقديم، فإن ترتب على ذلك حرمان من هو أولى كانت وساطته محرمة، ولم يجز لك طلبها منه، وقد بَيَّنا حكم الواسطة في جواب السؤال رقم (٢٦٨٠١) .
وأما إعطاء الشفيع مالا، ففيه تفصيل:
فإن كان يبذل مجهودا في البحث عن الوظيفة والدلالة عليها، فيجوز إعطاؤه أجرةً مقابل ذلك، كما هو الحال في مكاتب التوظيف.
وأما إن كان لا يبذل جهدا، وإنما يعتمد على جاهه ومنزلته، فهذا ما يعرف عند الفقهاء بـ "ثمن الجاه"، وهو محل خلاف بينهم، فذهب بعضهم إلى جوازه، كما يفهم من كلام الشافعية والحنابلة، وذهب آخرون إلى منعه أو كراهته أو التفصيل في حكمه، وهي أقوال في مذهب المالكية.
قال في "الروض المربع" في باب القرض: " وإذا قال: اقترض لي مائة، ولك عشرة صح؛ لأنها في مقابلة ما بذله من جاهه " انتهى.
ومثل ذلك في "مغني المحتاج" (٣/٣٥) .
وقال في "الإنصاف" (٥/١٣٤) : " لو جعل له جُعلا (أي: أجرة) على اقتراضه له لجاهه: صح؛ لأنه في مقابلة ما بذله من جاهه فقط " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: " قال [أي: الإمام أحمد] : ولو قال: اقترض لي من فلان مائة , ولك عشرة، فلا بأس , ولو قال: اكفل عني ولك ألف لم يجز؛
وذلك لأن قوله: اقترض لي ولك عشرة جعالة على فعل مباح , فجازت , كما لو قال: ابن لي هذا الحائط ولك عشرة، وأما الكفالة , فإن الكفيل يلزمه الدين , فإذا أداه وجب له على المكفول عنه , فصار كالقرض , فإذا أخذ عوضا صار القرض جارّا للمنفعة , فلم يجز " انتهى من "المغني" (٤/٢١٤) .
ثانيا:
إذا كان للإنسان حقٌ ما في وظيفة أو غيرها، ولم يمكنه الوصول إليها إلا بدفع رشوة، جاز له ذلك، كما هو مبين في جواب السؤال رقم (٧٢٢٦٨) .
نسأل الله أن يوفقنا وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب