للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز له السكن مع عمه وعنده بنات بالغات؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز له السكن مع عمه وعنده بنات بالغات؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الذي ننصحك به هو عدم السكن مع عمك وأسرته؛ لأنك لست محرماً لزوجة عمك ولا لبناته، وهذا ما سيسبب لك ولهن حرجاً شرعيّاً في السكن معهن.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على النساء، ولمَّا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أقارب الزوج شدَّد في أمره أكثر من غيره؛ فاسمع للحديث، وانظر كلام أهل العلم عليه.

عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) رواه البخاري (٤٩٣٤) ومسلم (٢١٧٢) .

قال النووي رحمه الله:

" اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه , وأخيه , وابن أخيه , وابن عمه , ونحوهم ... .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الحمو الموت) فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي.

والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... .

وقال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب , كما يقال: الأسد الموت , أي لقاؤه مثل الموت، وقال القاضي: معناه الخلوة بالأحماء (أقارب الزوج) مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ " انتهى.

" شرح مسلم " (١٤ / ١٥٤) .

وأنت ترى أن الحديث ينطبق على حالتك في حال دخولك على زوجة عمك وبناته الأجنبيات عنك، فكيف يكون حكم سكنك معهم؟!

ثانياً:

وإذا لم يكن لك بدٌّ إلا السكن معهم، أو أنك ستسكن لفترة مؤقتة حتى تجد بيتاً آخر: فاعلم أنه يجب عليك مراعاة الأمور التالية:

١. البعد عن الخلوة بزوجة عمك أو واحدة من بناته.

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر إلا ومعها ذو محرم) رواه البخاري (٢٨٤٤) ومسلم (١٣٤١) .

٢. أن تلتزم أنت والنساء بغض البصر بعضكم عن بعض.

قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... الآية) النور/٣٠،٣١.

٣. أن لا يكون الكلام معهن ومنهن فيه خضوع وميوعة.

قال الله عز وجل: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) الأحزاب/٣٢.

٤. أن تلتزم زوجة عمك وبناته أمامك بالحجاب الشرعي الذي يستر جميع البدن.

والأحسن أن لا تسكن معهم، وأن تبحث عن بيت لك تسكن فيه، وأن ترفع عن نفسك وعنهم الحرج الشرعي، وأن لا تكون سبباً في التضييق عليهم، وإذا كان بيتهم كبيراً وكان لك منه غرفة مستقلة بمنافعها فيجوز لك السكن فيها، أما أن تسكن في غرفة في بيتهم، وتشاركهم منافعها المشتركة فلا نرى ذلك جائزاً، ونرى أن الشروط التي ذكرناها للجواز صعبة التطبيق من كثيرين.

وانظر جواب السؤال رقم (١٣٢٦١) ففيه فائدة هامة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>