للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأخذ مرتبا شهريا من الحكومة من غير أداء العمل

[السُّؤَالُ]

ـ[عندنا يتم تعيين المواطنين في الأمانات، وأنا متعين في أمانة الزراعة، ولي ست سنوات آخذ مرتبا من الدولة وأنا لا أذهب إلى عملي؛ لأن قسم الزراعة فيه حوالي خمسة وعشرين مكتبا، والمتعينون في الزراعة أكثر من خمسمائة شخص، وأكثر من ثمانين في المائة من المتعينين في كل الأمانات لا يذهبون إلى عملهم، والدولة عالمة بهم. ولكني في مرة تحصلت على عمل تابع للزراعة، ولكني لم أعمل، لأن فيه نساء متبرجات، وخفت أن أفتتن بهن، وأنا إلى الآن آخذ مرتبي منهم، فما حكم هذا المرتب، هل هو حلال أو حرام؟ وإذا كان هذا المرتب حراما فماذا أعمل؟ وإذا كان الجواب أن أرد هذا المال للحكومة فأنا ليس لدي مال حاليا، لأني صرفت هذا المال، وعندي الآن بعض الأشياء التي اشتريتها بهذا المال، مثل جهاز كمبيوتر، فهل أبيعه وأرد هذا المال للحكومة، أو ماذا أعمل؟ وما حكم من يأخذ هذا المرتب ولديه عمل آخر في الحكومة، وكذلك ما حكم من لديه عمل في التجارة، فمثلا لديه محل ويأخذ هذا المرتب؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الواجب أن يلتزم الموظف بعمله فيؤدي ما يطلب منه من غير تقصير، ليستحق بذلك أجرَه حلالاً طيِّباً.

فإن قصر في عمله، ولم يقم بأداء ما طلب منه: فلا يستحق الأجرة، ولا تحل له، وإن أخذها: فقد أكل باطلا، وأصاب سحتاً.

قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/ ٢٩.

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"الواجب على من وُكِلَ إليه عمل يتقاضى في مقابله راتباً: أن يؤدي العمل على الوجه المطلوب، فإن أَخَلَّ بذلك من غير عذر شرعي: لم يحل له ما يتقاضاه من الراتب؛ لأنه يأخذه في غير مقابل " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ١٥٣) .

وقالوا أيضاً:

"الإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجَر عليه هو: أداؤه على الوجه المطلوب، والمتفق عليه في العقد، أو النظام الوظيفي، وهو من الأمانة التي يجب أداؤها، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ ٥٨ " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ١٥٥، ١٥٦) .

ثانياً:

ما تذكره من قعودك في بيتك وعدم مباشرتك العمل: فلا حرج عليك منه إذا كان بعلم المسئولين واطلاعهم – كما ذكرت -، وأنت معذور في ذلك لعدم توفير أصحاب الشأن مكاناً تباشر العمل فيه، ويكفي أنك تفرغت واستعددت للقيام بالعمل في أي وقت يطلبونك فيه، ومقابل هذا الاستعداد تستحق الأجرة، وليكن سعيك صادقاً، حريصاً على أداء العمل إن وفروا لك الفرصة، ودليل صدقك أن تذهب إلى مكان العمل بين الحين والآخر للاطلاع والمساعدة وتقديم ما يمكنك تقديمه.

أما ما ذكرت من وجود نساء متبرجات معك في العمل وأنك لا تذهب بسبب ذلك، فعليك أن تحاول الانتقال من هذا المكان إلى مكان آخر ليس فيه اختلاط محرم.

ثم إن كان غيابك عن العمل بعلم المسئولين ورضاهم فلا حرج عليك في الراتب الذي تأخذه، ولا يلزمك رده إلى الحكومة ولا التصدق به، ونسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك.

ثالثاًَ:

أما عن حكم الجمع بين وظيفة الحكومة وعمل آخر - سواء كان تجارةً أو وظيفةً خاصةً -، فالأصل أنه لا حرج فيه، وليس لأحد أن يمنع غيره من العمل ما دام لم يقصر في وظيفته معه.

وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:

هل يجوز للعامل أن يعمل في يوم الجمعة مثلا، أو في الليل، بعد أن انتهى من عمله مع كفيله؟ أم أن العقد يلزمه بعدم العمل؟

فأجاب:

"لا مانع من عمله عند فراغه في الليل أو آخر كل نهار أو يوم الجمعة، بشرط أن لا يرهق نفسه إرهاقاً يُعجزه عن العمل اللازم له عند كفيله، أو يسبب له مللا يُقلل من إنتاجه، فإذا لم يكن كذلك: جاز أن يعمل ويتكسب، وله كسبه، ولا يحق للكفيل أن يمنعه من ذلك، كما لا يمنع الموظف الحكومي من العمل في منزله في بناء، أو سقي، أو حرث، أو إصلاح، أو شغل يدوي، أو شراء حاجة، أو حمل أو تنزيل، ويملك ما ينتجه من ذلك؛ لأنه تحصيله الذي حصل عليه من كد يمينه " انتهى.

نقلا عن "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص ٣٧٧) طبعة دار ابن الهيثم المصرية.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>