الراجح في حكم تغطية الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص النقاب ما الأحاديث والآيات الخاصة به؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح أن على المرأة أن تستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين، بل إن الإمام أحمد يرى أن ظفر المرأة عورة وهو قول مالك – رحمهما الله تعالى -، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
.... وهو ظاهر مذهب أحمد فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك.
" مجموع الفتاوى " (٢٢ / ١١٠) .
خلافا لمن قال بعدم وجوب ذلك، ولو تتبعنا أقوال القائلين بعدم وجوب تغطية الوجه للمرأة فهي كما قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله تعالى -:
..... لا يخلو من ثلاث حالات:
١- دليل صحيح صريح، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب ....
٢- دليل صحيح لكنه غير صريح، لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين ....
٣- دليل صريح ولكنه غير صحيح، ....
" حراسة الفضيلة " (ص ٦٨ – ٦٩) .
أما الأدلة على وجوب ستر الوجه والكفين:
١- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الأحزاب / ٥٩.
قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
وأمر سبحانه النساء بإرخاء الجلابيب لئلا يُعرفن ولا يؤذين وهذا دليل على القول الأول وقد ذكر عبيدة السلمانى وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق، وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتفاب والقفازين، وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
" مجموع الفتاوى " (١٥ / ٣٧١ – ٣٧٢) .
٢- وقال الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور / ٣١.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
..... قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ، قال عبد الله بن مسعود: الزينة الظاهرة: الثياب، وذلك لأن الزينة في الأصل: اسم للباس والحلية بدليل قوله تعالى: {خذوا زينتكم} الأعراف / ٣١، وقوله سبحانه: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} الأعراف / ٣٢، وقوله تبارك وتعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} النور / ٣١، وإنما يعلم بضرب الرجل الخلخال ونحوه من الحلية واللباس وقد نهاهن الله عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها وأباح لهن إبداء الزينة الخفية لذوي المحارم ومعلوم أن الزينة التي تظهر في عموم الأحوال بغير اختيار المرأة هي الثياب، فأما البدن فيمكنها أن تظهره ويمكنها أن تستره ونسبة الظهور إلى الزينة دليل على أنها تظهر بغير فعل المرأة، وهذا كله دليل على أن الذي ظهر من الزينة الثياب.
قال أحمد: الزينة الظاهرة: الثياب، وقال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها وقد روي في حديث: " المرأة عورة "، وهذا يعم جميعها؛ ولأن الكفين لا يكره سترهما في الصلاة فكانا من العورة كالقدمين، ولقد كان القياس يقتضي أن يكون الوجه عورة لولا أن الحاجة داعية إلى كشفه في الصلاة بخلاف الكفين.
" شرح العمدة " (٤ / ٢٦٧ – ٢٦٨) .
٣- عن عائشة قالت: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ".
رواه أبو داود (١٨٣٣) وأحمد (٢٤٠٦٧) .
وقال الشيخ الألباني في " جلباب المرأة المسلمة " /١٠٧: وسنده حسن في الشواهد.
ومما هو معلوم أن المرأة لا تضع شيئاً على وجهها حال إحرامها، ولكن عائشة ومن معها من الصحابيات كن يسدلن على وجوههن لأن وجوب تغطية الوجه في حال مرور الأجانب أوجب من تركها حال الإحرام.
٤- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها ".
رواه البخاري (٤٤٨٠) .
قال ابن حجر:
قوله: " فاختمرن " أي: غطين وجوههن.
" فتح الباري " (٨ / ٤٩٠) .
٥- وعن عائشة: " ...... وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ".
رواه البخاري (٣٩١٠) ومسلم (٢٧٧٠) .
٦- وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ".
رواه الترمذي (١١٧٣) .
وقال الألباني في " صحيح الترمذي " (٩٣٦) : صحيح.
ويمكن مراجعة السؤال رقم ٢١١٣٤ ففيه زيادة بيان حول " النقاب ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب