مسبوقان هل يكون أحدهما إماماً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مصلى في شركتنا ونصلي به يومياً ونصلي به الجمعة، وقد لاحظت أنه إذا جاء بعض الأخوة متأخرين عن الجماعة ولحقوا بالإمام ثم سلم الإمام ونهضوا لإكمال ما فاتهم، يحصل أن أحد الأخوة يقرر أن يأتم بالشخص الذي على يساره (متأخر أيضاً) ، ويصبح هذا إماماً له. فهل هذا التصرف صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه هي مسألة " إتمام المسبوق بمسبوق آخر أثناء الصلاة " وفيها خلاف بين العلماء ما بين مجيزٍ ومانع، وقد رجح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله الجواز، وإليك نص كلامه قال رحمه الله:
" لو دخل اثنان مسبوقان، فقال أحدُهما للآخر: إذا سلَّم الإمامُ فأنا إمامُك؛ فقال: لا بأس، فلما سلَّمَ الإمامُ صار أحد الاثنين إماماً للآخر، فقد انتقل هذا الشَّخص من ائتمام إلى إمامة، وانتقل الثَّاني من إمامة شخص إلى إمامة شخص آخر.
(فقد قال بعض العلماء) : بأن هذا جائز؛ وأنه لا بأس أن يتَّفق اثنان دخلا وهما مسبوقان ببعض الصَّلاة على أن يكون أحدُهما إماماً للآخر، وقالوا: إن الانتقال من إمام إلى إمام آخر قد ثبتت به السُّنَّة كما في قضيَّةِ أبي بكر مع الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلامُ (حيث أمَّ أبو بكر بالناس في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الصلاة فلما رآه أبو بكر تأخر ليتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاة. رواه البخاري ٦٨٧ ومسلم ٤١٨، فحصل في هذه القصة انتقالان:
الأول: انتقال أبي بكر من الإمامة إلى الإتمام.
الثاني: انتقال الصحابة من الإئتمام بأبي بكر إلى الإئتمام بالنبي صلى الله عليه وسلم)
(وقيل) : إن هذا لا يجوز؛ لأن هذا تضمَّن انتقالاً من إمام إلى إمام، وانتقالاً من إئتمام إلى إمامة بلا عُذر، ولا يمكن أن ينتقل من الأدنى إلى الأعلى، فكون الإنسان إماماً أعلى من كونه مأموماً.
قالوا: ولأنَّ هذا لم يكن معروفاً في عهد السَّلف، فلم يكن الصَّحابة إذا فاتهم شيءٌ من الصَّلاة يتَّفقون أن يتقدَّم بهم أحدُهم؛ ليكون إماماً لهم، ولو كان هذا من الخير لسبقونا إليه.
لكن القائلين بجوازه لا يقولون إنه مطلوب من المسبوقين أن يتَّفِقَا على أن يكون أحدهما إماماً، بل يقولون: هذا إذا فُعل فهو جائز، وفرق بين أن يُقال: إنه جائز وبين أن يُقال بأنه مستحبٌّ ومشروع، فلا نقول بمشروعيَّته ولا نندب النَّاس إذا دخلوا وقد فاتهم شيء من الصَّلاة؛ أن يقول أحدُهم: إني إمامُكم، لكن لو فعلوا ذلك فلا نقول: إن صلاتَكم باطلة، وهذا القول أصحُّ، أي: أنه جائز، ولكن لا ينبغي؛ لأن ذلك لم يكن معروفاً عند السَّلف، وما لم يكن معروفاً عند السَّلف فإن الأفضل تركه؛ لأننا نعلم أنهم أسبق منَّا إلى الخير، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
" الشرح الممتع " (٢ / ٣١٦، ٣١٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب