للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز أخذ الأجر على عمل إضافي لم يحصل؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا موظف في شركة , وقد تلقيت وعداً من مديري المباشر بتحسين راتبي، ولكنه يحتاج إلى وقت، وعوضني بساعات عمل إضافية؛ علما بأنني لا أعمل إضافي؟ هل هذا الأجر عن العمل الإضافي حلال أم حرام؟ علماً أن المدير المباشر هو المسئول عن طلب الزيادة، والعمل الإضافي. وإذا كان حراماً؛ لقد مرت تقريبا سبعة شهور لهذا الموضوع؛ فما التصرف السليم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يقول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) النساء/٥٨

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهَ رَعِيَّةً يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَاّ حرَّم اللهُ عَلَيهِ الجنةَ) متفق عليه.

وقال أيضًا: (كُلُّكُم رَاعٍ، وكلُّكم مسئول عَن رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.

وهذا يشمل الموظف والمدير أو الرئيس، فكل منهما راع فيما هو مكلف به من أموال الشركة، وهو مسئول عن ذلك يوم القيامة.

والشركة وإن كانت قد خولت للمدير المباشر صلاحية إقرار الأعمال الإضافية، مع إعطاء الأجور عليها، فهي لم تفعل ذلك إلا بالنظر إلى حاجتها إلى ذلك العمل الإضافي، فإذا لم يكن هناك حاجة إلى عمل إضافي، أو لم يكن هناك عمل إضافي من الأصل: فإن إعطاء المدير المباشر الموظفين الأجر، بدون استحقاق، غش وخيانة للأمانة، فلا يجوز تقاضي هذه الأجور؛ لأنها أجور على أعمال لم تتم.

وقد سئلت اللجنة الدائمة:

هل يجوز لي أخذ مكافأة خارج الدوام الرسمي، إذا حضرت للعمل خلال الفترة المسائية، وداومت الفترة المكلف بها، حتى ولو لم يكن لدي عمل؟

فأجابت اللجنة:

" إذا كنت تستطيع القيام بأعمال مكتبك الوظيفي وإنجازها خلال وقت الدوام الرسمي، ولا يوجد عمل تقوم به أثناء تكليفك بالعمل خارج الدوام الرسمي، فإنه لا يجوز لك قبول هذا العمل الإضافي، ولا يحل لك أخذ المال الذي يصرف لك من طريقه؛ لأن مكافأة العمل الإضافي خارج الدوام الرسمي تصرف لمن يؤدي عملا أثناءه، ولا يستطيع أداءه أثناء عمله الرسمي، وحيث إنك لم تؤد عملا أثناء تكليفك بالعمل الإضافي يبيح لك أخذ مكافأته: فإنه يجب عليك البعد عنه، براءة للذمة ما دام الواقع كما ذكرت " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/٤٠٤ - ٤٠٦)

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" أنا موظف حكومي ويتطلب العمل مني أحياناً عملا إضافيا , وقد قامت الدائرة التي أعمل فيها بتعميدي أنا وبعض وزملائي في العمل خارج وقت الدوام الرسمي ولمدة (٤٥) يوماً , وقد كنت حريصاً على أن أحضر مع زملائي في العمل , ولكنهم لم يعلموني بذلك , ولما سألت أحدهم قال لي: لم يأت دورك بعد , حتى انتهت المدة المحددة , وصرف المبلغ لذلك العمل لي ولزملائي , وإنني في حيرة من أمري في هذا المبلغ أهو حلال أم حرام؟

علماً أن رئيسي في العمل المباشر ورئيس الدائرة: راضون عني في العمل , حيث إنني في نظرهم موظف نشيط، وقد يكون هذا المبلغ مكافأة لي على حرصي وعلى حسن عملي, حيث إن راتبي قليل , وإذا لم يكن هذا المبلغ حلالا فماذا أعمل به؟

فأجاب الشيخ:

" هذا السؤال يقع كثيراً , وأنا أسألكم الآن: هل هذا حق أو باطل؟ بمعنى: هل هذه المكافأة التي حصلت للإنسان على عمل معين؛ هل قام بهذا العمل أم لا؟

لم يقم بالعمل؛ إذا لم يقم بالعمل صار أخذ المال بغير حق , وأخذ المال بغير حق هو أكل المال بالباطل تماماً , مع ما في ذلك من خيانة للأمانة , حتى ولو وافق الرئيس المباشر على مثل هذا العمل فهو خائن , والمال ليس ماله - أعني الرئيس المباشر - حتى يتصرف به كيف يشاء.

وإنني بهذه المناسبة أحذر الرؤساء والمدراء الذين يعملون مثل هذا العمل , وأقول:

اتقوا الله فيما وليتم عليه , واتقوا الله أيضاً فيمن تحت أيديكم من الموظفين , لا تطعموهم ما لا يحل لهم , ولا تخونوا الدولة بأن تعطوا من لا يستحق ". انتهى مختصرا.

"لقاء الباب المفتوح" (١١٤/٢٢)

فالواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يحرص على أن يكون مطعمه ومشربه حلالاً، فالمال الحرام لا يبارك الله فيه ولا يهنأ صاحبه به، وقد روى مسلم (١٠١٥) عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذَكَرَ الرَّجُلَ "يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ .

والمدير المباشر وإن كان هو المسئول عن طلب الزيادة والعمل الإضافي – كما يقول السائل – فهو مقيد باللوائح والأنظمة التي تنظم العمل بالشركة، والتي يجب عليه أن يخضع لها هو وكل من تحته من الموظفين، ما دام ذلك لا يخالف شرع الله.

ولا شك أن اللوائح في أي شركة تمنع من تحصيل أجور ودفع مرتبات على أعمال وهمية، أو أعمال لم تتم. وإنما الواجب عليه، والذي تسمح له الشركة: أن يسعى في زيادة راتبك، وأن يعجل به، ما دمت تستحق ذلك، لا أن يعطيك أجرا على عمل لم تقم به.

فعلى المدير المباشر ومرؤوسيه جميعا مراعاة ذلك، وعند خلافه: تجب التوبة والإقلاع عن هذه الخيانة، كما يجب رد المال المحصل بهذا السبيل غير المستقيم إلى الشركة؛ إذا أمكن له أن يفعل ذلك، تحت أي بند من البنود المتاحة.

فإن لم يتيسر ذلك: فبإمكانه أن يصرفه في مصلحة العمل، وأن يضعه في أي بند يحتاج إلى نفقة في الشركة.

فإن لم يتيسر له ذلك – وهو أمر مستبعد فيما يبدو لنا: فإنه يتصدق به على الفقراء والمساكين عن أصحابه.

وراجع إجابة السؤال رقم (١١١٩١٣)

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>