تخاف من إهمال زوجها لها لأنه يقضي معظم وقته في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري، تم عقد قراني منذ أشهر قليلة، واتفقنا على إعلان الدخول بعد سنة ونصف، وأنا أشعر بالضيق الشديد والملل بسبب إهمال زوجي لي وعدم اهتمامه بشؤوني، بسبب أنه يقضي معظم أو كل وقته في العمل، وأنا أشعر بالخوف الشديد من هذا الزواج، وخصوصا أني في مقتبل عمري ولازلت في بيت أهلي، لا أعلم ما سيحدث عند انتقالي إلى بيته، وشعوري بالوحدة والأفكار السيئة تعصف بي، وخصوصا أني مرغوبة من كثير من الناس، وأشعر بأني أضيع نفسي وحياتي في هذا الزواج، فماذا تنصحني أن أفعل؟ وما هي حقوقي على زوجي ودليل من السنة والقران على ذالك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان زوجك مرضيَّ الدين والخلق، فلتحمدي الله تعالى على نعمة تيسير الزواج، واتركي الخوف والقلق، وإن كنا نرى هذه الهواجس أمراً متوقعاً ممن هي في مثل سنك وحالك؛ بل كثير من الناس يشعرون بنوع من الفتور بعد إتمام الخطبة أو عقد القران؛ لكن على الإنسان أن يغلّب جانب التفاؤل، وحسن الظن، ما دام الأهل على معرفة سابقة به، أو استفرغوا وسعهم في التحري عن حاله، من حيث الدين والخلق والأمانة، والجدية في الحياة.
وكون الزوج لديه عمل يأخذ الكثير من وقته لا يعتبر أمراً شاذاً في هذا العصر؛ لغلاء المعيشة وضعف موارد الكسب، والزوج العاقل الحريص على أهله: يوازن بين ذلك وبين القيام بحقوق أهله، فيعطيهم من عطفه ورعايته وملاطفته ما يستطيع عند عودته إليهم، ويستغل أوقات راحته في إشاعة جو من المودة والرحمة تنسيهم بعده عنهم. وهو أمر نأمل أن تجديه مع زوجك، إن شاء الله، متى أتمتم البناء.
وللزوجة حقوق على زوجها، كما أنه له حقوقاً عليها، فمن حقها: أن يقوم بكفايتها في المسكن والمطعم والملبس، وأن يحسن عشرتها، وأن يقوم على صلاح دينها بإعانتها على الطاعة، وحجزها عن المعصية، ووقايتها من النار. وله عليها أن تطيعه، وتحسن عشرته، وتحفظه في نفسها وعرضها.
وينظر تفصيل هذه الحقوق وأدلتها في جواب السؤال رقم (١٠٦٨٠) .
وننبهك، أيتها الأخت السائلة، إلى أن المرأة وإن كانت مرغوبة من كثير من الناس، فإنها إذا قبلت برجل زوجاً، فعليها أن تقنع بذلك وترضى به، وتسعى لإسعاده، وترجو الخير في عيشها معه، وتسأل الله العون على أداء حقه، وبهذا تؤهل نفسها للحياة السعيدة معه.
وأما من تنظر لحالها، وتعجب بنفسها، وتغتر بإقبال الناس عليها: فهذه قد لا يحالفها التوفيق مع زوجها، ولا تصل إلى القناعة بوضعها، فتخسر سعادتها وراحة نفسها، عافاك الله من ذلك.
والحاصل أنا نوصيك بترك الخوف والقلق، وتغليب الرجاء وحسن الظن، وسؤال الله تعالى التوفيق والسداد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (قُلْ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي) رواه مسلم (٢٧٢٥) .
وفي رواية: (قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، وله حاجة، فأبطأت عليه، قال: (يا عائشة؛ عليك بجُمَلِ الدعاء وجوامِعِه) .
فلما انصرفت قلت: يا رسول الله وما جمل الدعاء وجوامعه؟
قال قولي: (اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك مما سألك به محمد، وأعوذ بك مما تعوذ منه محمد، وما قضيتَ لي من قضاء فاجعل عاقبته رشداً) رواه البخاري في الأدب المفرد (٦٣٩) وصححه الألباني.
فأكثري من هذا الدعاء، وأحسني صلتك بالله، وأمّلي فيما عنده خيراً، واستعيني بالناصح الأمين، صاحب الخبرة، من أهلك وأوليائك، إذا أشكل عليك أمر من ذلك.
نسأل الله تعالى أن يصلح حالك وحال زوجك وأن يكتب لكما التوفيق والسعادة والهناء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب