للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا كان الولي لا يصلي ثم طلق الرجل زوجته فهل يقع الطلاق

[السُّؤَالُ]

ـ[تزوجت امرأة ثيباً عبر الهاتف بموافقة أخيها، ولكن بعد الدخول بها، قالت لي إن وليها (أخوها) لا يصلي. إذاً العقد فاسد. وكنت طلقتها من قبل، فهل ذلك الطلاق يقع؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود (٢٠٨٥) والترمذي (١١٠١) وابن ماجه (١٨٨١) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه أحمد (٢٤٤١٧) وأبو داود (٢٠٨٣) والترمذي (١١٠٢) وصححه الألباني في صحيح الجامع ٢٧٠٩.

وولي المرأة هو: أبوها، ثم أبوه، ثم ابنها ثم ابنه (هذا إن كان لها ولد) ، ثم أخوها لأبيها وأمها، ثم أخوها لأبيها فقط، ثم أبناؤهما، ثم العمومة، ثم أبناؤهم، ثم عمومة الأب، ثم السلطان.

"المغني" (٩/٣٥٥) .

ثانيا:

تارك الصلاة الذي لا يصليها مطلقا كافر على الصحيح من قولي العلماء، وينظر جواب السؤال رقم (٢١٨٢) ورقم (٥٢٠٨) .

وعليه؛ فلا يصح أن يكون وليا في النكاح؛ لأن الكافر لا يلي نكاح المسلمة إجماعا.

قال ابن قدامة رحمه الله: " أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال، بإجماع أهل العلم، منهم مالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي. وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم " انتهى من "المغني" (٩/٣٧٧) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يصلي لا يحل أن يعقد النكاح لأحد من بناته، وإذا عقد النكاح صار العقد فاسداً؛ لأن من شرط الولي على المسلمة أن يكون مسلماًَ " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

ثالثا:

إذا عقد الولي التارك للصلاة نكاح موليته، فهو نكاح فاسد؛ لأن وجود هذا الولي كعدمه، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن النكاح بلا ولي غير صحيح، خلافا للحنفية.

وهذا النكاح الفاسد من أقدم عليه معتقدا فساده، فهو زان، وأما من أقدم عليه معتقدا صحته - وهذا حال أكثر الناس حين يقدمون على الأنكحة المختلف فيها، كالنكاح بدون ولي، والنكاح مع فسق الولي أو الشاهدين - فإنه لا يعد زانيا، ويترتب على نكاحه أكثر أحكام النكاح الصحيح: فيلزمه المهر، وينسب إليه الولد، ويقع طلاقه لو طلق.

وليس لأحد بعد وقوع الطلاق أن يبحث في أصل عقد النكاح، هل كان صحيحا أو فاسدا، ليتخلص من الطلاق، فإن هذا تلاعب بالدين، فإنه كان يستمتع بزوجته على أنها زوجة له، ثم طلقها ليرفع حكم الزوجية التي كان يعتقد وجودها، فكيف يعود ليقول: إن النكاح لم يكن صحيحاً؟!

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل تزوج بامرأة وليها فاسق , يأكل الحرام , ويشرب الخمر , والشهود أيضا كذلك , وقد وقع به الطلاق الثلاث فهل له بذلك الرخصة في رجعتها؟

فأجاب: إذا طلقها ثلاثا وقع به الطلاق , ومن أخذ ينظر بعد الطلاق في صفة العقد ولم ينظر في صفته قبل ذلك , فهو من المتعدين لحدود الله , فإنه يريد أن يستحل محارم الله قبل الطلاق وبعده. والطلاق في النكاح الفاسد المختلف فيه [يقع] عند مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة , والنكاح بولاية الفاسق يصح عند جماهير الأئمة. والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٣٢/١٠١) .

وسئل عمن تزوج بولاية أجنبي، مع وجود ولي المرأة معتقدا أن الأجنبي حاكم عليها، ودخل بها واستولدها ثم طلقها ثلاثا , ثم أراد ردّها قبل أن تنكح زوجا غيره , فهل له ذلك لبطلان النكاح الأول بغير ولي , أم لا؟ وهل يترتب إسقاط الحد ووجوب المهر ويلحق النسب والإحصان؟

فأجاب: لا يجب في هذا النكاح حد إذا اعتقد صحته , بل يلحق به النسب ويجب فيه المهر , ولا يحصل الإحصان بالنكاح الفاسد , ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه إذا اعتقد صحته" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٣/٨٤) .

وقال ابن رجب رحمه الله: " ويترتب عليه أكثر أحكام الصحيح، من وقوع الطلاق، ولزوم عدة الوفاة بعد الموت، والاعتداد منه بعد المفارقة في الحياة، ووجوب المهر فيه بالعقد، وتقرره بالخلوة، فلذلك لزم المهر المسمى فيه كالصحيح " انتهى من "القواعد" ص (٦٨) .

وينظر: "المدونة" (٢/٩٨، ١٢٠) ، "تحفة المحتاج" (٧/٢٣٢) .

وبهذا يتبين أن طلاقك لزوجتك طلاق صحيح واقع، وأنه لا يجوز لك التحيّل لإسقاطه بكون الولي كان تاركا للصلاة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>