والده يريد منه السفر للعمل وزوجته تصر على بقائه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من حيرة من أمري فقد تزوجت من تسعة شهور ومكثت مع زوجتي منذ تاريخ الزواج حتى سفري إلى الخارج حوالي ٤ شهور، وقد اعترضت زوجتي على سفري، وحاولت منعي من السفر بكل الطرق، ولكن دون جدوى، فالحمد لله بيننا الحب والتفاهم، وحاولت إقناعها أنني عندما أسافر ثم أستقر سوف أبحث عن سكن لأرسل لها وتمكث معي، ولكن لم أجد السكن المناسب، فالإيجارات هنا غالية الثمن حتى لا يكفي مرتبي سداد نصف الشهر، وعندما علمت بذلك أخذت ترسل الرسائل والتي ترسل معها دموعها وقلبها الذي يحترق على سرعة نزولي، هذا من ناحية، من ناحية أخرى: والدي يشجع سفري لكي أساعده في زواج أخي، فزوجتي يوميا تطلبني بالنزول فلا تستطيع العيش لوحدها، ووالدي يريد البقاء والعمل. هل أقوم بالنزول حتى لا أظلم زوجتي؟ أم أقوم بمساعدة والدي في زواج أخي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للزوج أن يسافر ويتغيب عن أهله، لأجل العمل ونحوه من المصالح المشروعة، مدة لا تزيد على ستة أشهر، فإن زاد على ذلك فلا بد من استئذان زوجته.
والأصل في ذلك أن عمر بن الخطاب سأل ابنته حفصة رضي الله عنهما: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا! فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك. قالت: خمسة أشهر. ستة أشهر. فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر ; يسيرون شهرا , ويقيمون أربعة , ويسيرون شهرا راجعين.
وسئل الإمام أحمد رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وانظر: "المغني" (٧/٢٣٢، ٤١٦) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " سفر الرجل عن زوجته إذا كانت في محل آمن: لا بأس به، وإذا سمحت له بالبقاء أكثر من ستة أشهر فلا حرج عليه، أما إذا طالبت بحقوقها، وطلبت منه أن يحضر إليها فإنه لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، إلا إذا كان هناك عذر كمريض يعالج وما أشبه ذلك، فإن الضرورة لها أحكام خاصة. وعلى كل حال فالحق في ذلك للزوجة، ومتى ما سمحت بذلك وكانت في مأمن فإنه لا إثم عليه، ولو غاب الزوج عنها كثيرا " انتهى من "فتاوى العلماء في عشرة النساء" (ص ١٠٦) .
وعليه؛ فمن حق أهلك عليك أن تعود إليهم، لا سيما وأن راتبك لا يكفي للسكن كما ذكرت، وهذا يعني تأخرك عن أهلك، مع حاجتهم إليك.
ولا يخفى أن أداء الحق، وحفظ الأهل، والقيام على رعايتهم، مع دوام الحب واستمراره، كل ذلك مقدم على جمع المال.
ولا يجب طاعة الأب فيما لو أمرك بالبقاء في الخارج، لما يترتب على هذا من تضييع حق زوجتك، ومعلوم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن ينبغي أن تتلطف في إقناعه، وبيان عدم جدوى الاغتراب والبعد عن الأهل.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب