للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفرق بين قولهم حديث صحيح، وقولهم إسناده صحيح.

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الفرق بين الحديث الصحيح، والحديث الذي إسناده صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

يقرر المحدثون أن الحديث الصحيح الذي يغلب على الظن ثبوت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو الحديث الذي اجتمعت فيه الشروط الخمسة الآتية:

١- أن يكون كل راوٍ من رواته عدلا.

٢- أن يكون كل راوٍ من رواته ضابطا (تمام الضبط أو قاصرا عنه)

٣- اتصال السند من أوله إلى منتهاه.

٤- سلامة الحديث من الشذوذ في سنده ومتنه.

٥- سلامة الحديث من العلة في سنده ومتنه.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (٧٩١٦٣)

ثانيا:

ولما كان الشرطان الرابع والخامس من أدق الشروط وأصعبها على الناقد، لأن تحقيقها يحتاج إلى بحث شديد، وتدقيق، وجمع لطرق الحديث ورواياته، كما يحتاج إلى خبرة واسعة في علوم الحديث وتخصص في النقد – لذلك احتاط كثير من المحدثين المتأخرين في أحكامهم، فاكتفوا بدراسة ظاهر الإسناد للتحقق من توافر الشروط الثلاثة الأولى، فإذا قامت هذه الشروط بإسناد معين قالوا: إسناد صحيح. ليشعروا القارئ أنهم ضمنوا له الشروط الثلاثة الأولى لصحة الحديث دون الشرطين الرابع والخامس، كي يكون القارئ على بصيرة بما يريده هذا المحدث.

يقول الحافظ ابن الصلاح رحمه الله:

" قولهم: (هذا حديث صحيح الإسناد أو حسن الإسناد) دون قولهم: (هذا حديث صحيح أو حديث حسن) لأنه قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولا يصح لكونه شاذا أو معللا " انتهى. " مقدمة في علوم الحديث " (ص/٢٣)

ويقول ابن كثير:

" الحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن، إذ قد يكون شاذاً أو معللاً " انتهى. " اختصار علوم الحديث " (ص/٤٣)

ويقول العراقي في ألفيته:

" والحكم للإسناد بالصحة أو ... بالحسن دون الحكم للمتن رأوا " انتهى. " التبصرة والتذكرة " (١/١٠٧)

ثالثا:

ومع ذلك فقد يستثنى من هذه التفرقة ما إذا عرف الإمام بأنه لا يفرق في اصطلاحه بين هذين الاستعمالين " إسناد صحيح " و " حديث صحيح "، فقد يطلق الإمام – وخاصة إذا كان من المتقدمين – قوله " إسناد صحيح " ويريد به تصحيح الحديث نفسه، والحكم بانطباق الشروط الخمسة جميعها.

يقول الحافظ ابن الصلاح رحمه الله:

" غير أن المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله: إنه صحيح الإسناد، ولم يذكر له علة، ولم يقدح فيه، فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في نفسه؛ لأن عدم العلة والقادح هو الأصل والظاهر. والله أعلم " انتهى. " مقدمة في علوم الحديث " (ص/٢٣)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" والذي يظهر لي أن الصواب التفرقة بين مَن يُفَرِّقُ - في وَصفِهِ الحديث بالصحة - بين التقييد والإطلاق، وبين مَن لا يُفَرِّق.

فمن عُرف مِن حاله بالاستقراء التفرقة يحكم له بمقتضى ذلك، ويُحمل إطلاقه على الإسناد والمتن معا، وتقييده على الإسناد فقط.

ومَن عُرف مِن حاله أنه لا يصف الحديث دائما وغالبا إلا بالتقييد، فيحتمل أن يقال في حقه ما قال المصنف آخرا " انتهى. [وهو يشير إلى قول ابن الصلاح الذي نقلناه قبله مباشرة] .

" النكت على ابن الصلاح " (١/٤٧٤)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>