للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لماذا لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام الساعة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام الساعة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام الساعة أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يعلم وقت قيام الساعة. وقد سبق في السؤال رقم (٣٢٦٢٧) الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك.

ثانياً:

فإن قيل: لماذا لم يخبرنا الله تعالى بوقت قيام الساعة؟

فالجواب: أن الحكمة تقتضي إخفاء وقتها عن الخلق.

وبيان ذلك: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث مبشراً لمن أطاعة بالجنة، ومنذراً لمن عصاه بالنار. والإنذار بالساعة والنار وأهوالها، لا تتم الفائدة منه إلا بإبهام وقتها؛ ليخشى أهلُّ كلِّ زمان إتيانَها فيه، فالإعلام بوقت إتيانها، وتحديد تاريخها، ينافي هذه الفائدة، بل فيه مفاسد أخرى؛ فلو قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للناس: إن الساعة تأتي بعد ألف سنة من يومنا هذا مثلا، لرأيت المكذبين يستهزئون بهذا الخبر، ويلحون في تكذيبه، والمرتابين يزدادون ارتيابا.

فالحكمة البالغة إذن في إبهام أمر الساعة للعالم، كما أخفى الله تعالى وقت الساعة الخاصة بكل إنسان وهي الموت.

قال الآلوسي رحمه الله:

"وإنما أخفي سبحانه أمر الساعة لاقتضاء الحكمة التشريعية ذلك؛ فإنه أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية، كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك. . . وتدل الآيات على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعلم وقت قيامها، نعم علم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قربها على الإجمال، وأخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به" اهـ.

"فيجب على المؤمنين أن يخافوا ذلك اليوم، وأن يحملهم الخوف على مراقبة الله تعالى في أعمالهم؛ فيلتزموا فيها الحق ويتحروا الخير، ويتقوا الشرور والمعاصي، ولا يجعلوا حظهم من أمر الساعة الجدال، والقيل والقال" اهـ من تفسير المنار.

ومن رحمة الله تعالى بخلقه أنه جعل لهم علامات دالة على قرب قيام الساعة، حتى يكون ذلك باعثاً لهم على العمل الصالح، وتقوى الله، واجتناب محارمه، فكلما رأوا علامة من علاماتها قد تحققت ازداد خوفهم من الساعة وأهوالها، وازداد يقينهم بقربها، فيزداد استعدادهم لذلك بالعمل الصالح.

قال الله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) محمد /١٨. أي علاماتها.

ويدل على ذلك ما رواه مسلم (٢٩٤٧) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ الدُّخَانَ، أَوْ الدَّجَّالَ، أَوْ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ) . رواه مسلم (٢٩٤٧) .

أي: سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة، وسارعوا بالأعمال الصالحة قبل وقوعها وحلولها؛ فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يقبل، ولا يعتبر.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ) وفي رواية بالتصغير (خُوَيْصة أحدكم)

وهو ما يخص الإنسان دون غيره، وأراد به الموت، الذي يخصه، ويمنعه من العمل، إن لم يبادر به قبله. و "أَمْرَ الْعَامَّةِ" المراد به القيامة.

قال القاضي: "أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات؛ فإنها إذا نزلت أدهشت، وأشغلت عن الأعمال، أو سد عليهم باب التوبة، وقبول العمل".

قال العلائي: "مقصود هذه الأخبار الحث على البداءة بالأعمال قبل حلول الآجال واغتنام الأوقات قبل هجوم الآفات".

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاغتنام الأوقات في طاعته.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>