مسؤولية الرجل في تربية زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تزوج مسلم بمسلمة، لكنه لم يقم تجاهها بما أوجبه الله عليه وما ورد في القرآن، ونتج عن ذلك أن تركت المذكورة الدين، وهي الآن لا تتحجب وقد تكون قد تخلت عن تطبيق شعائر الدين بالكلية.
وسؤالي هو: ما هي نتائج أعمالهما، ومن سيتحمل نتائجها في النهاية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد، يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/٦.
وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " رواه البخاري (٧١٣٨) ومسلم (١٨٢٩) .
فمِن هذين النَّصين يتضح جليّاً أن الرجل مسؤول عن أهله فيما يتعلق بتربيتهم على معاني الإسلام بل والأخذ على أيديهم بالقوة عند الحاجة وتحقق المصلحة من استخدام هذا الأسلوب، وأن الله سيحاسب كل راعٍ عما استرعاه فمَن فرَّط في تربية أهله وأولاده فلا شك أنه على خطر عظيم، بل قد ورد في حقه الوعيد الشديد الذي تقشعر له الأبدان، ففي صحيح البخاري (٧١٥١) وصحيح مسلم (١٤٢) من كتاب الإمارة عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ".
فمسؤولية الرجل تجاه أهله عظيمة ينبغي عليه أن يتقي الله في القيام بها على أكمل وجه مع التزام الدعاء للنفس والأهل بالهداية والتوفيق.
أما ما يتعلق بالزوجة فإنها مكلفةٌ أيضاً ومسؤولة عن أعمالها فإن التكاليف الشرعية لازمة لرجال الأمة ونسائها إلا ما استثنته الشريعة ففرقت بينهما في بعض الأحكام كتفضيل صلاة المرأة في بيتها على الصلاة في المسجد صيانة لها من الاختلاط بالرجال، ولذا ورد في سنن الترمذي (١١٣) وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن النساء شقائق الرجال " صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (١ / ٣٥) .
وفي الحديث السابق أن المرأة راعية أيضا ومسؤولة عن رعيتها والله تعالى يقول: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) الطور/٢١ ويقول: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) مريم/٩٥.
إذن فالمسؤولية فردية وسيحاسب كل شخص لوحده فالشاب الذي بلغ إذا ضل بسبب سوء تربية والده له وكان قد بلغه الإسلام فإنه لا عذر له؛ لأن الله أعطاه عقلاً وكلَّفه بمقتضى هذا العقل؛ وإن كان والده محاسباً على تقصيره في تربيته، وكذلك الزوجة من باب أولى، فالواجب على الزوجة أن تتقي ربها وأن تشكر نعمة الله عليها بأن ميزها عن سائر الكفار بنعمة الإسلام فتقوم لله بحقه بأداء الواجبات والكف عن المحرمات ولتعلم أن الموت يأتي بغتة وأن وراء الموت حساباً وسؤالاً ووراء هذا إما جنة فنعيم مقيم وراحة أبدية لا تنتهي، وإما نار تلظى تذيب الجبال الرواسي، والصخور الصلاب فكيف بأبداننا الضعيفة، نسأل الله النجاة منها.
وأما أنت يا أخي فالواجب عليك التوبة النصوح، فإن الذنب مهما عَظُم؛ فتاب منه صاحبه واستجمع شروط التوبة قبلها الله منه، ثم أقبِل على تربية زوجك مستخدماً في ذلك أسلوب التدرج سالكاً الرفق مستصحباً الحكمة، طالباً من الله التوفيق والعون، راجع السؤال رقم (١٠٦٨٠) لتستزيد حول هذا الموضوع.
والله ولي التوفيق،،،
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد