للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النية، والدعاء في الصلاة

[السُّؤَالُ]

ـ[بماذا يجب أن يفكر الشخص أثناء الصلاة، تسبيح الله؟ الغرض من سؤالي هو أنني أتذكر بعض الأحاديث التي تذكر بأننا يجب أن ندعو الله دائماً أثناء الصلاة، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحاً فكيف نفعل هذا، بالقلب فقط أم بذكر شيء أثناء الصلاة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

النية شرط لا بد منه لصحة الصلاة، ومعناها في الشرع: " العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى " فاشتمل هذا التعريف على معنيين:

الأول: نية العمل: وهو تمييز العبادات عن غيرها، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، فينوي بهذه الحركات أنها الصلاة المشروعة، وينوي أنها فرض أو نفل.

الثاني: نية المعمول له: وهو أن ينوي بهذه العبادة وجه الله سبحانه دون غيره.

وهذه النية محلها القلب، فبمجرد أن يعزم العبد بقلبه على هذا العمل فقد نواه، ولذا لا يشرع التلفظ بالنية عند إرادة العمل، بل التلفظ بالنية من البدع المحدثة التي لم ترد في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم تنقل عن أحد من صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. (ينظر الشرح الممتع ٢/٢٨٣)

وللاستزادة يراجع سؤال (١٣٣٣٧) .

أما ما يجب على العبد أن يفكر فيه أثناء صلاته فهو: أن يستحضر عظمة ربه الذي شرفه بالقيام بين يديه، فيحسن الوقوف بين يديه بالخشوع والخضوع والتعظيم، ويتفكر فيما شرع له أن يقوله في كل موضع، ففي القيام يتدبر فيما يقرأه من القرآن، وفي الركوع يتفكر في معنى ما يتلوه من الأذكار، وهكذا في السجود، وغيره من المواضع. مع الحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل موضع. وأما الدعاء بمعنى سؤال الله ما تحتاجه من خير الدنيا والآخرة فهذا موضعه في السجود بعد أن تأتي بالذكر المشروع لقوله صلى الله عليه وسلم: " أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ " أخرجه مسلم (٧٣٨) .

وأما ما أشرت إليه من أنه ورد في بعض الأحاديث بأننا يجب أن ندعوَ الله دائما أثناء الصلاة، فلم يذكر أحد من أهل العلم المعتبرين هذا الأمر ولم يشيروا إليه، ولكن لعلك فهمت من تعريف بعض العلماء للصلاة في اللغة: بأنها الدعاء، هذا المعنى الذي ذكرته.

وربما أنك سمعت كلام بعض أهل العلم أن الصلاة كلها دعاء، فهذا يقصدون به القسم الثاني من أقسام الدعاء، لأن الدعاء قسمه بعض العلماء إلى قسمين:

١ – دعاء مسألة: وهو طلب الحاجات من الله. ٢ – دعاء عبادة: وهو التعبد لله بما شرع من أنواع العبادات، كالصلاة والصوم والزكاة، ومعنى هذا النوع أن هذه العبادات متضمنة للطلب من الله كأن الفاعل يقول بلسان حاله يا رب تقبل مني هذا العمل، وجازني على هذه العبادة بالمغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار، ونحو ذلك من المعاني، فالصلاة كلها تعتبر دعاءً بهذا المعنى.

لذا فالنصيحة لجميع المسلمين أن يلتزموا في صلاتهم بتطبيق سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم عملا بقوله " صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري ٦٣١، وأن يتدبروا فيما يقرؤون من القرآن، وما يذكرونه من الأذكار، ليحصل المقصود الأعظم من الصلاة وهو ما بيَّنه الله بقوله: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) العنكبوت/٤٥. وتجد مختصرا لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في السؤال (١٣٣٤٠) نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.. آمين.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>