للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز إخراج الزكاة مواد عينية بدلا من النقود؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ذكر الله عز وجل لنا مصارف الزكاة الثمانية في كتابه الكريم , فهل تعتبر الأنشطة التالية من مصارف الزكاة؟ (توزيع الشنط الغذائية , توزيع البطاطين في الشتاء , توصيل المياه لمنازل الفقراء , بناء أسقف خشبية لهم , تجهيز عرائس يتيمات أو فقراء , توصيل المساعدات الطبية للمرضى) على أن تعطى أموال الزكاة لجمعية موثوق بها , وتتولى الجمعية القيام بهذه الأنشطة؟ مع العلم أن الجمعية تقوم باستكشاف الحالات قبل تقديم المساعدات لها أفيدونا جزاكم الله خيرا بشأن كون ما تقدم ذكره من مصارف الزكاة من عدمه؟ وهل بإخراجي للزكاة بهذه الكيفية أكون أخرجتها في صورة مال كما هو مطلوب مني؟ أم أن أخراج زكاة المال في صورة مال غير واجب أصلا؟ وفقكم الله إلى ما فيه خير المسلمين وجزاكم الله خيرا]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

أولاً:

الواجب في زكاة المال أن تكون من النقود، ولا يجوز إخراجها مواد عينية، ولا سلعاً غذائية.

ومن واجب صاحب الزكاة تسليم مبلغ الزكاة للمستحقين، وليس من حقه التصرف بهذا المبلغ ولا الاجتهاد في البحث عن الأنفع لهم حسب نظره، بل يعطي المال المستحق للفقير، وهو أدرى بحاجته ومصلحته من غيره.

ومن المعلوم أن الإنسان يستطيع الحصول على ما يريد عن طريق المال، بخلاف المواد العينية التي قد يحتاجها وقد لا يحتاجها، ويضطر لبيعها بثمن بخس للاستفادة من ثمنها.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد عينية غذائية وغيرها فتوزع على الفقراء؟ ".

فأجاب:

" لا يجوز، الزكاة لا بد أن تدفع دراهم ... ". انتهى من " اللقاء الشهري" (٤١ / ١٢) .

وقال أيضا:

" زكاة الدراهم لابد أن تكون دراهم، ولا تخرج من أعيان أخرى إلا إذا وكلك الفقير فقال: إن جاءك لي دراهم فاشتر لي بها كذا وكذا، فلا بأس ... ". انتهى.

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (١٨/٣٠٣) .

ثانياً:

إذا كان هناك فقير معين، يحتاج إما إلى دواء أو غذاء، أو نحو ذلك من احتياجاته، ويعلم أنه سيترتب على صرف الزكاة له نقوداً مفسدة واضحة، أو كانت المصلحة تقتضي عدم إعطاء ذلك الفقير النقود، ففي هذه الحال أجاز بعض العلماء صرفها له مواد عينية بدلاً من النقود.

ومن صور ذلك: أن يكون الفقير مجنونا، أو ضعيف العقل لا يحسن التصرف المال، أو سفيها مبذراً للمال، أو مفسدا ينفق المال على ما لا فائدة فيه، ثم يبقى ـ هو أو من يعوله ـ محتاجا.

قال شيخ الإسلام: " إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ ... ؛ وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ؛ وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ فَلا بَأْسَ بِهِ ". انتهى " مجموع الفتاوى" (٢٥/٨٢) .

وقال الشيخ ابن باز في الفتاوى (١٤ / ٢٥٣) : " ويجوز أن يخرج عن النقود عروضاً من الأقمشة والأطعمة وغيرها، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة، مثل أن يكون الفقير مجنوناً، أو ضعيف العقل، أو سفيهاً، أو قاصراً، فيخشى أن يتلاعب بالنقود، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاماً، أو لباساً ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم". انتهى.

والأفضل من ذلك أن يأخذ توكيلا من الفقراء بشراء الأشياء التي يحتاجون إليها.

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: " إذا كان أهل هذا البيت فقراء، ولو أعطيناهم الدراهم لأفسدوها بشراء الكماليات والأشياء التي لا تفيد، فإذا اشترينا لهم الحاجات الضرورية ودفعناها لهم، فهل هذا جائز؟

فمعروف عند أهل العلم أن هذا لا يجوز، أي لا يجوز للإنسان أن يشتري بزكاته أشياء عينية يدفعها بدلاً عن الدراهم، قالوا: لأن الدراهم أنفع للفقير، فإن الدراهم يتصرف فيها كيف يشاء، بخلاف الأموال العينية فإنه قد لا يكون له فيها حاجة، وحينئذ يبيعها بنقص.

ولكن هناك طريقة: إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها في غير الحاجات الضرورية، فقل لرب البيت، سواء كان الأب أو الأم أو الأخ أو العم، قل له: عندي زكاة، فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها لكم؟

فإذا سلك هذه الطريقة، كان هذا جائزاً، وكانت الزكاة واقعة موقعها ". انتهى " مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٨/ السؤال ٦٤٣) .

والخلاصة: أن إخراج السلع والمواد العينية بدلا من زكاة المال لا تجوز ولا تجزئ، إلا إذا وجدت الحاجة والمصلحة الداعية لذلك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>